الاثنين، 24 أكتوبر 2011

سلطان ... السبق الأول

قبل ما يزيد على 20 عاما، كنت طالبا في الصفوف الجامعية الأولى في قسم الإعلام. كنت حينها أتعاون مع صحيفة المسائية التي كان يرأس تحريرها الأستاذ عبد العزيز العيسى عضو مجلس الشورى الحالي. في لحظة ما، وجدت نفسي مع الصديق عبد الرحمن العبد القادر عضوين صغيرين في اللجنة الإعلامية ضمن مجموعة من الطلاب في مؤتمر حول تاريخ الملك عبد العزيز. اتفقت والزميل عبد الرحمن أن نخوض تجربة إجراء حوار مع الأمير سلطان -يرحمه الله - باعتباره من أبناء المؤسس. امتطينا سيارتنا واتجهنا إلى مقر وزارة الدفاع والطيران. دلفنا من البوابة. كان منظرنا كشابين ضئيلين لافتا.


وصلنا إلى مكتب الأمير سلطان، واستقبلنا حينها مسؤول في مكتبه. جلس معنا وأنصت بهدوء، ثم اعتذر عن عدم وجود فرصة للقاء بالأمير وقتها، إذ إنه في مهمة خارجية، لكنه طلب منا بكل جدية كتابة الأسئلة التي نريد طرحها على الأمير. أحضر لنا الأوراق والقلم وكتبنا أسئلتنا للأمير.
عندما خرجنا من المبنى، كنا على يقين أن مهمتنا ستنجح. بعد بضعة أيام، عاد الأمير سلطان إلى الرياض، وفوجئت وأنا في قاعة المحاضرات بمسؤول في الكلية يأتي مندفعا ويطلبني والأخ عبد الرحمن ويسألنا: ماذا فعلتم؟ جاءني اتصال من وزارة الدفاع يطلب حضوركما فورا؟
وقتها لم يكن عصر البيجر والجوال قد أضاء العالم. واتجهنا إلى الوزارة. حيث كنا والأخ عبد الرحمن على وعد مع السبق الأول في حياتنا.
في الصحيفة، التقانا رئيس التحرير في صالة التحرير، كان يجري اللمسات الأخيرة على الصفحة الأولى التي تصدر طبعتها الأولى الثانية عشرة ظهرا. التفت إلينا وهو يسأل سؤاله المعتاد بهدوء: ماذا لديكم؟ كان الجواب: أجرينا حوارا مع سلطان بن عبد العزيز. توقفت عجلة الطباعة، انتظارا للخبر الذي سيحمل اسم الزميل عبد الرحمن العبد القادر واسمي.
كانت لمسة إنسانية لطيفة من الأمير الإنسان الذي رأى في هذين الشابين الضئيلي الجسم شيئا ما فمنحهما السبق الأول في حياتهما. لم يصدق كثير من الزملاء وقتها أن حوارنا مع الأمير سلطان تم بهذه البساطة.
رحم الله الأمير سلطان بن عبد العزيز وأسكنه فسيح جناته

الأحد، 2 أكتوبر 2011

تفاصيل مبادرة تبادل الكتب عبر كوكب تويتر

بدأت اليوم إنعاش مبادرة عبر تويتر. أساس المبادرة كانت حديثا في المقهى مع الأستاذ عبد الله الحريري المدير التنفيذي للشؤون الإعلامية في موبايلي، وتتمحور الفكرة حول إيجاد منفذ لتدوير الكتب. قلت لعبد الله، لا أتذكر أنني قرأت كتابا ثم عدت إليه. وأكد هو لي هذه المعلومة. وقد تذكرت حديثنا هذا وأنا أتصفح صحيفة الرياض (2/11/2011) التي كانت تعرض تقريرا حول تجربة كندية تتعلق بصندوق مخصص لتبادل الكتب، وكانت الصحيفة تشير في ثنايا الموضوع عن أن الفكرة أسهمت في تعزيز العلاقات بين أهل الحي. ولأن تويتر ـ كوكب ـ يشبه الحي، ويتلاقى ويتحدث من خلاله الناس بشكل أسرع مما لو التقو في كوفي شوب ، فقد طرحت من خلال هذا الهاش تاق #egra مبادرة لتبادل الكتب بين أعضاء كوكب تويتر في السعودية. هذه الخطوة قابلة للتطوير فيما بعد، وربما أهل كل مدينة أو دولة يكون لهم مبادرتهم. أدرك أن ثمة مبادرات متعددة من خلال المنتديات، ومن خلال الفيس بوك، ولكنني أتمنى أيضا أن يتم تفعيل مبادرة تبادل الكتب عبر تويتر، وأعني بهذه الكتب النسخ الورقية والإلكترونية أيضا. حاليا قد يكون من المجدي أن تنطلق المبادرة بشكل فردي على أن تتبلور فيما بعد بشكل أكثر تنظيما. دعواتي بأن تتحقق من خلال هذه المبادرة أهدافنا في تحقيق هذا التبادل المعرفي الثري. 

السبت، 1 أكتوبر 2011

عزيزي غاندي


غاندي بريشة الروسي أليكسي بكورباتوف 


عزيزي غاندي: أكتب لك من العالم الآخر. أريد أن أقول لك إن الأشياء الصعبة تتحقق بالإصرار، ولكن يا غاندي، لقد بذلت جهدا خارقا من أجل أن يتحقق للهند استقلالها، وهاهو البلد ينمو.
 صحيح أن هناك نتوءات كثيرة هنا وهناك. في بلد تتمدد فيه الأرواح. أرواح البشر وأرواح المخلوقات الأخرى. وتتزايد فيها الأفكار والأديان.
هنا حيث تختلط رائحةالأجساد المشوية، بروائح خشب الصندل والعطور. هل اكتشفت أن ما حاربت من أجله كان يستحق؟
 هل تبدو الهند اليوم أفضل منها بالأمس؟
الهند التي لا ينافسها في عدد السكان سوى جارتها الصين. هل ما زال صوتك ملهما في الهند وفي غيرها؟ أم أن هذا الصوت كاد يتلاشى. 
إن مصدر الإلهام يا غاندي، ليس في ثورة الملح التي صغت ملامحها، بل في نجاح عملية البحث عن الذات، رغم كل محاولات التذويب والتشتيت.
هذا الحضور للذات، أعطى زخما كبيرا لمجد البلاد التي لم تتأثر قطيعتها للمستعمر بالأخذ بخيارات الديموقراطية.
صحيح أن الناس كانو ولا زالو فقراء، لكنهم أيضا كانو ولا يزالون أحرارا. هي حرية منقوصة كما يقول البعض، فالطبقية ضاربة، والفقر طاغ، والأرض تكتض بالبشر والبقر، ولكن هذه  الثنائية ليست الملمح الوحيد الباقي في الهند، هناك الكثير الذي تلمحه عينيك هناك.
إن عالمنا الآخر، وهو يتواصل مع بوابة الهند، يغيب عنه تفاصيل هذا الإرث الذي يمتد آلاف السينين، بل حتى صورتك ووجهك ونهجك لا يحضر أبدا.
كل ما تعرفه الأجيال الجديدة في العالم العربي تتعلق بالسائق والخادمة الهنديين. بينما الحلم الأمريكي يواصل تألقه بالأيدي والعقول الهندية الماهرة التي أعطت للتقنية الكثير من العطاء.
 لكن خطيئة الهند أن صورتها في العالم العربي لا تتجاوز حدود السائق والخادمة، ... وأحيانا لا تتجاوز لدى البعض فيلم: غاندي.