الاثنين، 13 مايو 2013

قالت لي : غرف الفنادق تكشف طبائع ساكنيها


كثيرون يدلفون إلى غرفتك في الفندق خلال سفرك، برضاك، لأن عدم دخولهم اليومي، يعني أن تتفاقم الفوضى من حولك.
هذا الدخول يرافقه تطفل إنساني على مزاجك البشري: عطرك مثلا، ألوان ملابسك، كيفية تعاملك مع الأشياء
في أحد الفنادق؛ أدرت حوارا متقطعا مع عاملة تنظيف. كان الحوار تلقائيا.  الحقيقة أنها هي من بادرت بالإشارة إلى أن غرفتي غالبا لا تحتاج إلى ترتيب كما هو حال غرف أخرى.
 أتذكر أنني شكرتها على هذا الثناء الذي أجزم أنه غير دقيق. لكنني وجدتها سانحة لأسأل، عن أشياء أتمنى أن أطرحها على من يعمل في مجالها.
قالت في تلك الأحاديث العابرة كثير من الكلمات اللافتة. بدت وكأنها لم تتلق مثل هذه الأسئلة من قبل.
قالت لي إنها سوف تتجاوز عن التفاصيل الشخصية والأسماء والجنسيات؛ وأنا بدوري أوضحت لها أن هذا الأمر لا يهمني كثيرا. بدأت في الحديث قائلة: إعتدت وزميلتي أن نتبادل أحيانا تسميات للغرف: هل قمت بترتيب غرفة السيد فوضى؟ تهز الأخرى رأسها؛ وربما تبلغها أن السيد فوضى قد غادر وأن الغرفة أصبحت تشغلها سيدة أنيقة. عادة لا يتم إطلاق تسمية عليها إلا بعد عملية التنظيف الأولى للغرفة.
ضحكت العاملة بعد أن قلت لها إنني أحاول سبر غور عالمهن. كانت لغة الحوار أبسط مم تظهر لكم هنا.  
شعرت أنني أغضبتها؛ إذ سألت: ماذا لو كانت العاملة غير أمينة؟ سألتني: ماذا تعني بغير أمينة؟ أضافت: هل تقصد أنها حرامية؟ أومأت برأسي. قالت: الأمر أصعب مما يبدو لك. لا أحد يغامر بمستقبله من أجل زجاجة عطر أو لبس جيد. ومع ذلك يحدث هذا أحيانا. أنا لم أفكر يوما في السرقة. شيء واحد استمتع وأنا أفعله. سألتها: ما هذا الشيء؟ قالت: التأمل في الملابس والإكسسوارات والأشياء الأخرى. تضيف: لدى بعض المسافرين صفات جميلة وبعضهم لا. يأتي أحدهم بحقيبة صغيرة ومع ذلك يجلس لمدة أسبوع لأنه جلب معه أشياء تغنيه عن إرهاق إعداد وحمل حقيبة ثقيلة.
أضافت: هناك آخرين؛ يجلبون معهم حقائب ثقيلة، يجلسون بضعة أيام ثم يغادرون
تحدثت عن طبائع الناس: الشخص النظيف الذي لا يترك خلفه أشياء مقززة. الإنسان الكريم الذي يضع مبلغا من المال مع ورقة تشير إلى أن هذا هدية منه لمن تفضل بتنظيف غرفته. المتذمر والمتطلب الذي لا يرضيه شيء. المتعجل الذي لا يدري أين وضع أغراضه ويثير المشاكل ثم يجدها في حقيبته أو تحت سريره
أطلقت تنهيدة ثم قالت: أعمل هنا منذ ٢٠ عام، كل يوم أرى وجوها جديدة، وبعض الوجوه تعود إلينا كل عام، وأحيانا نراها كل شهر، وبعضها نشعر أنها لا تكاد تغادر المكان حتى تعود إليه. أضافت: أصبحت أتقن قراءة الوجوه؛ حتى أنني أصبحت أستطيع أن أخمِّن جنسية الساكن من خلال غرفته وملابسه وتصرفاته
وضعت مثلا قراءتها لغرفتي؛ من خلال الكتب الثلاثة الموجودة بجوار سريري؛ ومجموعة الصحف التي طلبت من الفندق أن يوفرها لي يوميا
قالت كلاما كثيرا عن هذا الأمر، وعن ما تراه في غرف أخرى. كلام حذفته، لأنني لا أراه يضيف شيئا مهما
أوضحت في نهاية حديثنا أن عملها هذا جعلها تعيل أسرتها؛ أضافت أن ابنتها ستتزوج بعد أسبوع، وسوف تسعد بحضوري.  إعتذرت منها كوني سأغادر قبل الموعد، لكن هاجسا بقي ملاصقا لي: هل نتقن فعلا مراعاة مثل هؤلاء ونحاول - مثلا - أن نخفف عنهم شيئا من العناء؟
من جهتي إكتشفت أنني قبل خروجي من غرفتي أحاول إعادة ترتيب الأشياء قدر استطاعتي. قد يبدو الأمر تافها؛ لكنه يستحق التجربة

* هذه التدوينة، طلبتها مني إحدى مجلات السفر والسياحة، لكنهم ارتأوا أنها غير مناسبة لهم، هذا الأمر أفرحني، فقد وجدت فرصة لإضافة تدوينة جديدة.