السبت، 24 مايو 2014

عزلة هاتفية



تعودت أن أتوقف عن الكلام، عندما أجد صديقا ينحني على جواله وهو يستمع إلي. أعتقد أن البعض يتحسس من صمتي، لكنني عادة أقول، إن انشغال إنسان بهاتفه وأنت تتحدث إليه من البلايا التي صارت شائعة، لكنها تظل تصرفا مستفزا.

لكنني ألاحظ أن هذا السلوك شاع بين الأبناء والأزواج والزوجات والأصدقاء. حتى وقت غير بعيد، كان المرء يتحسس من الرد على هاتفه؛ عندما يكون جالسا مع صديق إلا في حالات الضرورة القصوى.

أما الآن فإنك تجلس إلى صديق وتتحدث إليه بينما هو منهمك بحديث آخر على الواتس أب أو سواه من وسائل التواصل. لكن أسوأ ما واجهته الأسبوع الماضي، طبيب في أحد المستشفيات الخاصة، دخلت إليه في عيادته وكان يقاطعني بين وقت لآخر كي يرد على هاتفه للحديث مع أصدقائه.

عندما خرجت من العيادة، قررت ألا أعود إليه، واستغنيت عن دوائه، إذ إن انشغاله بالكلام على الهاتف والرد على الرسائل أشعرني بأن هذا الطبيب وصل إلى عيادته مرغما وليس بعيدا أن يصف لك دواء غير مناسب، فعقله كان مشتتا بين الهاتف والواتس أب.


الأحد، 18 مايو 2014

عناد الوعي



ما أكثرها دروس الأخلاق من حولنا: المشكلة أن المعلم غالبا لا يطبقها فما بالك بالمتعلم.

هذا يفسر الكثير من الأمور.

رسائل الوعي يقتلها عناد الوعي. لا أحد مثلا يجهل خطورة التهور في القيادة، لكن من النادر أن تجد من يتصالح مع هذه الحقيقة وينسجم معها في سلوكه العام.

العناد ضد ممارسة الوعي، يقابله شح شديد في الحزم والصرامة من أجل تطبيق القانون.

يتحجج البعض بالقول إن طاقة المرور لا تسمح له بوضع دوريات سيارة وراجلة في كل شارع.

المشكلة أن هذه وتلك يصاحبهما أمور مربكة: الشخص الذي ارتكب خطأ ضد أناس أثناء قيادته لسيارته، يتأفف عندما يخطئ عليه شخص أكثر رعونة منه. في المقابل، أنت ترى بعض المنتسبين لقطاعات المرور وسواه ممن يقودون سيارات حكومية، لا يختلفون عن الآخرين، أثناء قيادتهم السيارة.

نسبة الذين يجهلون قواعد وأنظمة المرور قليلة جدا. النسبة الأكبر في المخالفات التي تحدث في الشارع هي نتاج تجاهل هذه القوانين.

لاحظوا أننا نتحدث أيضا عن نخب اجتماعية: أكاديميين، أطباء، قادة رأي، طلاب جامعات، موظفين كبار في القطاعين العام والخاص.

كل أولئك يمارسون خروقات ضد الوعي، وكلهم يزعم أنه يفعل هذا الأمر اضطرارا، إذ لا يملك خيارا سوى أن يكون جزءا من المخالفين.

نموذج المرور ينسحب على كثير من أمورنا التي ترتبط بالوعي وبالفعل المضاد للوعي. هذه المقالة ربما تندرج تحت ما ورد في الفقرة الأولى من المقالة.

الأربعاء، 14 مايو 2014

أخونا إبراهيم


 

لم أستغرب طاقات الخير والحب التي أطلقتها تغريدة شاب أفغاني من مواليد السعودية اسمه إبراهيم، يرقد على السرير الأبيض للعلاج في مستشفى الملك خالد الجامعي منذ ثمانية أشهر، إثر إصابته بالشلل.

طلب إبراهيم من صديق له أن يكتب تغريدة باسمه يدعو فيها الناس لزيارته نظرا لشعوره بالملل من طول مكوثه في المستشفى.

تحولت التغريدة إلى حافز، جعل المئات يتجهون إلى المستشفى لزيارته.

رغم الضغط الذي تعرض له المستشفى بسبب هذا العدد من الزوار، لكن الأمر أعطى مؤشرا تلقائيا عن طاقات الخير والحب المكنوزة في قلوب الناس.

لم تقتصر المسألة على الزيارات، إذ سرعان ما توالت التبرعات من أجل توفير العلاج لإبراهيم.

البعض وجد في الهاشتاق سانحة للتطاول على وزارة الصحة بزعم تقصيرها تجاه إبراهيم.

واقع الحال أن إبراهيم وجد عناية فائقة في مستشفى الملك خالد التابع لجامعة الملك سعود. لكن حالة إيراهيم تفتح التساؤل حول فاعلية دور لجان أصدقاء المرضى. فأنا أفترض أن لديها تنسيقا مع المستشفيات، بحيث تقوم بعمل زيارات للمرضى الذين لا يزورهم أحد.

لعل حالة إبراهيم تحفز لجنة أصدقاء المرضى في الرياض وسواها إلى تطوير أدائها.

هي فرصة سانحة أيضا لتوجيه الشكر لكل من أشاع البهجة والفرح على قلب أخينا إبراهيم.

الخميس، 8 مايو 2014

نتاج الكراهية مؤذٍ **



في مقالته أمس، قال الدكتور توفيق السيف: "إصدار قانون حماية الوحدة الوطنية أصبح ضرورة، كي نحمي أنفسنا وأبناءنا ومستقبلنا من تجار الكراهية هؤلاء".

لقد كان مجتمعنا ولا يزال، تغلب عليه المراعاة واللياقة، التي تفرض قدرا كبيرا من الاحترام للإنسان، أيا كان لونه أو جنسه أو رؤيته.

إن الانتقائية في ممارسة الكراهية تفضي إلى إقصاء ينقلنا إلى إقصاء آخر.

وأججت وسائل التواصل الاجتماعي بعض النعرات التي أصبح من اللازم تهذيبها.

لم يعد من المسوغ أن يظهر مقطع يوجه الإهانة لشخص بسبب لونه سواء تلميحا أو تصريحا. ولم يعد من المجدي السماح لشخص يسيء إلى لاعب بسبب طائفته. هذه النماذج وسواها، من الأمور التي تؤسس للكراهية، لا بد أن تتسامى المجتمعات العربية ومن ضمنها مجتمعنا عنها.

نعم نحتاج إلى قانون ضد الكراهية، وهذا القانون ينبغي أن يتبنى وضع تصوراته مركز الحوار الوطني وجمعية وهيئة حقوق الإنسان ومجلس الشورى.

هذه المبادرات صمام أمان تعلي قيمة إنسان هذه الأرض الذي اختار أن يكون ولاؤه لله ثم للوطن والقيادة، لكنه لم يختر اسمه ولا لونه ولا المنطقة أو الطائفة التي ينتمي إليها.


** رابط مقالة د. توفيق السيف التي أعلق عليها : 

http://www.aleqt.com/2014/05/06/article_846780.html


الثلاثاء، 6 مايو 2014

ميراث الوزير السابق



عندما أجد منشأة حكومية تحقق إنجازا وتترك أثرا، أتأمل في قائدها. القائد في أي منشأة هو المحرك.

هذا الأمر يمكن أن نلاحظه من خلال نشاط هذه الوزارة أو تلك. أحيانا تكون صورة وزارة ما ترتبط في الذهن بالبطء والضبابية. لكن هذه الصورة سرعان ما تتغير بتغير الوزير.

الحقيقة أنني لا أنظر إلى هذه المسألة باعتبارها مسألة إيجابية، بل أعتبرها من ملامح الخلل الإداري الذي يحتاج إلى علاج.

إن الوزارة أو الإدارة عندما تخضع للسمات الشخصية للمسؤول عنها، تتأثر بتغيير المسؤول سلبا وإيجابا بشكل كبير.

لا يمكن إنكار أهمية السمات والمهارات الشخصية لرب العمل، لكن من الضروري أن تكون هناك ضوابط تحمي العمل من التراجع.

هناك مشروعات تتوقف في بعض المنشآت لأن الوزير قد لا يراها جيدة. رغم أن هذه المشاريع معتمدة وسبق إقرارها من الوزير أو المسؤول الذي قبله.

عندما تتأمل في حال بعض المنشآت، تشعر بألم شديد، لأن بعض المشروعات تعثرت ستة أعوام أو أكثر، ليس بسبب عدم وجود اعتمادات، بل لأن أولويات الوزير الجديد تغيرت.

نحتاج إلى رقابة تحمي الاستراتيجيات الحكومية من الاجتهادات، مع إتاحة مرونة تسهم في إثراء هذه المشروعات لا إيقافها أو إلغائها.


الأحد، 4 مايو 2014

هل زرت متحفا؟



من منا فكر اليوم في اقتطاع جزء من الإجازة الأسبوعية من أجل زيارة هذا المتحف أو ذاك؟!

تبدو إجابة السؤال الافتراضية مخيبة. فالنزهة بإجمالها لا يدخل ضمن مصطلحاتها زيارة متحف، أو مكان أثري. إذ إن تكبد العناء في السفر إلى هذه المنطقة أو تلك، تتخلل أجندته الرحلات البرية أو البحرية والتسوق ... إلى آخره، لكن يندر أن تكون المتاحف ضمن القائمة.

ولو حاولت أن تكون من مرتادي المتاحف في الرياض أو جدة فإنك ستجد أن معظم من حولك غرباء، يتملكهم الشغف في التعرف عن قرب على تراث المملكة وآثارها، وربما تجد طلابا من هذه المدرسة أو تلك الجامعة.

حتى رحلاتنا الخارجية - ونحن لسنا وحدنا في هذا فكل الخليجيين كذلك ــــ تأتي زيارة المتاحف في ذيل قائمة اهتماماتنا.

هذه الثقافة المهمة تغرسها الأسرة منذ الصغر، وكذلك المدرسة باعتبارها المؤسسة التربوية الأولى.

المتحف نافذة مهمة يمكن من خلالها تقديم صورة مختصرة عن موضوع معين، سواء كان هذا الموضوع يتعلق بتاريخ اجتماعي أو ثقافي أو فني. في بلدان أخرى قد تجد متحفا عن هذا الرسام أو الكاتب. إضافة إلى المتاحف التي تؤرخ لبعض الأحداث العسكرية. المدن صغيرها وكبيرها تضم متاحف عدة. كل واحد من هذه المتاحف يوثق تاريخ المدينة بصيغة أو أخرى.

وهذه المتاحف محطة سياحية مهمة يرتادها أهل المدينة والسياح الزائرون لها. هي رافد اقتصادي وثقافي في الوقت نفسه، وهي أحد أسس التعليم بالترفيه.