الخميس، 30 أكتوبر 2014

سفاري دبي

دبي غدت واحدة من الوجهات القريبة التي يختارها السائح الخليجي، كما يختار البعض أبها أو صلالة وسواهما في الصيف. والحق أن هذه وجهات تستحق أن تتجه إليها بوصلة السائح. كل مكان من هذه الأماكن له مزاياه، وله أحيانا عيوب تتفاوت من مكان إلى آخر.
في آخر زيارة شخصية إلى دبي، طلبت من الفندق الذي أسكن فيه، أن يحجز لي فيما يسمى Desert Safari Dubai أو سفاري دبي. وهي عبارة عن رحلة وسط الرمال، تستغرق نحو ثلاث ساعات، تأخذ شكل المغامرة من خلال "التطعيس" ثم تنتهي باستراحة يمكنك من خلالها ركوب الجمال والتصوير، وبعدها تناول العشاء مع عروض فنية.
اللافت أن سفاري دبي لا يقدم للسائح الشخصية التراثية الإماراتية، من خلال العروض المقدمة، ويبدو أن من وضع رؤيتها أراد لها أن تحاكي المخيال المستمد من ألف ليلة وليلة. وقد يكون المبرر أن غالبية من يرتادون مثل هذه العروض هم من الغربيين بالدرجة الأولى.
في المحطة التي توقفت عندها القافلة، والتي تضم محالا لبيع التحف ودورات مياه بائسة جدا وغير نظيفة، يمكنك أن تلمح غيبة عين الرقيب. لن ترى في رحلتك وجها مألوفا، فالسحنات الآسيوية هي التي تتولى كل شيء.
ولأن المشروع تجاري بعقلية غير محترفة، فلا تحاول أن تمني نفسك بوجبة عشاء حقيقية، فالطابور الطويل والتنظيم الرديء يوحي لك بأنك تقف في أحد الملاجئ كي تحصل على وجبتك الموهوبة، وعليك أن تتقبلها بمنتهى الرضا والقناعة.
سفاري دبي مختلف تماما عن ما يكتبه البعض بمنتهى الانبهار بخصوص فعاليات أخرى.
بالمناسبة : ألا نجد عندنا في السعودية مستثمرا يستفيد من تسهيلات الهيئة العامة للسياحة والآثار، من أجل تصميم وعمل بانورامي، في الصحراء، يمكنها أن تكون مزارا ثابتا للمقيمين والزائرين للمملكة للتعريف بالموروث الشعبي المحلي؟

ما دين أولئك؟



ما زلت أصر على أن هناك شيئا سيئا، لا علاقة له بالتدين، قد سلب عقول بعض الشباب في مجتمعاتنا، فتحولوا إلى أداة هدم وتشويه باسم الدين.
كان الإنسان الصالح يحظى بتقدير ومحبة الجميع. ذلك أن هذا الإنسان كان رحبا، لطيفا، بشوشا، ولم يكن يخلط عمله الصالح بأوحال المذهبية والطائفية والعنصرية.
هذا الخليط من البذاءة تراه يجتمع حاليا في الأدبيات التي تفرزها خطابات التطرف لدى تيارات التشدد والغلو من السنة والشيعة. ويدعمها في هذا العزف المنفر، فضائيات تمثل هذا الطيف أو ذاك.
كثيرة هي التصنيفات التي تم تسويقها بدأب، ولم تكن الأجيال السابقة تلتفت إليها. لكن إفرازات ما كان يسمى الصحوة في حقبة مضت، تحولت إلى ما يشبه حوصلة طائر شرير، تتشكل من خلاله صورة مشوهة للإسلام والمسلمين.
من اللافت في عدد من حوادث الإرهاب، أن الإرهابي ينتقل من تطرف إلى تطرف أشد، إذ إنه يغوص في أوحال المخدرات والضياع، ثم يغوص في أدران الغلو والتطرف.
لذلك كنت وما زلت أقول إننا بحاجة إلى سماحة شيبان المسجد في الزمن الماضي. هذا هو الدين الحقيقي، الذي ينعكس على الشخص تعاملا راقيا ومراعاة للنفوس.
التجييش والتحريش الحالي، أصبح يتسلل حتى من خلال المحادثات المتاحة في ألعاب الإنترنت.
إن خطابات الغلاة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تدفعك للسؤال: ما دين أولئك القساة الغلاظ السفهاء؟! هذا الاستنكار المشروع، يستحضر دوما أن جوهر الدين عمارة روح الإنسان وبناء الأوطان.

في القراءة



هيأت وسائل التقنية الحديثة فرصا أعلى للقراءة، وأصبحت القراءة الإلكترونية تستحوذ على جزء مهم في حياتنا اليومية. أنا أجد متعة في القراءة عند كل لحظة فراغ تسنح لي. لا أقول هذا الكلام للتباهي، إذ أشعر أن هذا سلوك شائع.


حتى الشباب والفتيات، الذين يشكو البعض من كونهم لا يقرأون، وضعتهم وسائل التقنية الحديثة في محيط محفز على القراءة.

هنا يأتي دور الانتقاء والاختيار، في قراءة مواد ترتقي بالذائقة وتنمي ملكات ومهارات التفكير والإبداع.

التثقيف حاليا، لا يتم بمجرد حملك كتابا، رغم ما في هذا الأمر من جمال.

هاتفك المحمول أصبح يضم عشرات الكتب والمجلات والصحف التي يمكن أن تتصفحها بمنتهى السهولة.

القراءة فعل حياة، وهي تؤسس الإنسان وتصوغه بشكل أكثر عمقا. وهي مثل سواها من المحتويات البصرية والسمعية التي تخاطب العاطفة والعقل، تترك أثرا بشكل لا شعوري.

ما لم تحقق القراءة للإنسان الرقي والوعي، فإن العيب ليس في القراءة، ولكن في المحتوى الذي يقرأه المرء.

إن القراءة الإلكترونية، تضعك أمام مسؤولية اختيار المحتوى الذي ينسجم مع ذوقك، وهذه كانت في السابق تخضع لمؤثرات تقلل من حدة التعرض المباشر. الآن أصبحت الأمور مفتوحة، هذا يعني أن التحدي أكبر، لكن هذا التحدي هو الذي يعطي المناعة الحقيقية، ما لم يتحكم في المسألة أشرار العالم الافتراضي.

أدعو الشباب والفتيات لانتهاز هذه الآفاق الإلكترونية التي لم تكن متاحة للأجيال السابقة، من أجل صياغة وعي يؤهلهم كي يتمتعوا بالمهارات والمعارف والوعي الحقيقي، بعيدا عن ثقافة الساندويتش السطحية والهشة.

وباء اسمه الإدمان



يمكن النظر للإدمان باعتباره وباء، يعطل خلايا الدماغ، فيتحول المرء إلى شخصية أسيرة، مسلوبة الإرادة، وردود أفعالها تجاه المحيط الخارجي تتباين، وتصل إلى أقصى حالات الشذوذ الإنساني المتمثل في إيذاء الأم أو الأب أو الأشقاء والشقيقات. هذه الصورة القاتمة يجهلها كثير من أفراد المجتمع، كما أنهم يجهلون أصلا مظاهر الإدمان التي قد يعانيها الابن أو حتى الابنة. والنتيجة أن الغالبية لا يكتشف أن ابنه مدمن إلا بعد مرور أعوام، والبعض الآخر يتستر على الأمر ويحاول أن يتصالح معه، بدعاوى كثيرة يأتي في مقدمتها الخوف من العيب. لكن المسألة تستفحل لتبدأ الممارسات المرعبة التي تستهدف انتزاع المال من الأسرة بالقوة، وأحيانا سرقته أو توفيره من خلال السعي لبيع أي شيء، بكل ما تحمله عبارة "أي شيء" من شمولية.
البارحة الأولى تشرفت بدعوة كريمة من عبدالإله الشريف أمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، بمعية كوكبة من الكتاب في الصحف المحلية. كان اللقاء فرصة سانحة لاستعراض جهود المملكة العربية السعودية من أجل التصدي لشرور المخدرات. إن آفة المخدرات أصبحت ظاهرة عالمية، والحرب الفاضلة التي تخوضها الأجهزة الأمنية حققت نجاحات لافتة، لكن هذا الأمر لا يعني أننا أصبحنا في منأى عن الاستهداف المقصود لأسباب مختلفة، بعضها في رأيي فعل عمدي من الخارج يهدف إلى تغييب عقول الأجيال الواعدة من الذكور والإناث.
إن المخيف أن تدرك أن مستشفى واحدا لمعالجة حالات الإدمان على سبيل المثال يستقبل يوميا نحو 70 حالة إدمان. هذا رقم مخيف. والأمر يتطلب مبادرات لبناء مزيد من المستشفيات التي يشارك فيها القطاع الخاص. المعلومة المخيفة، أن الإدمان كلما تأخر علاجه، يتحول إلى عاهة، وبالتالي فإن إخراج السموم من جسد المدمن، لا يعني ضمان عدم عودته للإدمان مرة أخرى. حاولوا الاقتراب من أبنائكم وبناتكم. لا تعزلوهم أبدا. الجامعات والمدارس والاستراحات قد تكون أوكارا للإدمان. الأرقام مخيفة. الدراسات مليئة بالتفاصيل المرعبة. ساندوا جهود مكافحة المخدرات، بمنع من تحبون من الوقوع في أفخاخها المشرعة.