الاثنين، 12 ديسمبر 2011

فن الحياة



كثيرون لا يتمتعون بالحياة بالشكل المتاح.  هم يفضلون دوما أن يعيشوا حالة من التنغيص والنكد الذي لا ينتهي. وهذه حالة إنسانية لافتة عند البعض.

ولو حاولنا إعمال العقل والمنطق وطرحنا السؤال مجردا من أي مقدمات: هل يوجد إنسان سوي يرتضي تعذيب نفسه؟ لكانت الإجابة البدهية هي: لا.



إذن ما الذي يدفع المرء ليخوض حروبا مجانية من أجل نشر الكراهية؟ أليس من الأولى أن يوفر الإنسان طاقاته من أجل إشاعة السلام والمودة؟



إن متعة الحياة، تتمثل بكل بساطة في نقاء السريرة والتسامي عن الحقد والضغينة. وهي حتما الوسيلة التي تنتهي بهذا الجسر الصيني الذي يختصره المثل: الضمير الطيب خير وسادة.



عندما تتأمل في محيطك، سواء في البيت أو مكان العمل أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي، تجد أن حالة عدم الرضا عن فرد أو مؤسسة تحركها أحيانا دوافع شخصية لا موضوعية.



تستحق الحياة، بكل ما فيها ومن فيها، أن يتعلم الإنسان كيف يعيشها بسلام. الأمر يتطلب محاولة أن تتصالح مع الأشياء من حولك. حتى تلك الأشياء التي قد لا تعجبك عليك أن تتصالح معها، لأنها تعجب سواك.



إن تغليف عواطفنا ومشاعرنا وآرائنا السلبية أحيانا بغلاف ثقافي أو اجتماعي أو وطني، قد لا يكون بالضرورة صادقا وحقيقيا، إذ إنه يعكس حالة فصام نكد بين راحة الروح وعذابها، بين سلام النفس وتعذيبها.

الاثنين، 5 ديسمبر 2011

وسطية الفرد





عندما يصوغ الإنسان مفرداته بشكل متزن، ينأى بنفسه عن الوقوع في محظورات الكلام غير المنطقي. لا جدال أن النقد من طبائع البشر، والإنصات لهذا الانتقاد فن ينبغي أن يتقنه كل الناس، لكن من الضروري أن تتم صياغة هذا النقد بشكل لا يتضمن جورا على الآخر ولا ازدراء أو تحقيرا له.
هذه المعادلة تغيب في معظم حواراتنا. سواء كانت هذه الحوارات داخل الأسرة، أو في موقع من مواقع التواصل الاجتماعي، أو حتى من خلال الحوارات الإذاعية والتلفزيونية.
ليس سائغا أبدا، أن يخوض الإنسان حوارا مع شخص آخر وهو يتقمص دور القوي، بينما هذه القوة لا تعدو أن تكون غضبا متفجرا يتحول إلى كلمات غير متزنة، تجعل المتلقي يلمح المشكلة من أول كلمة.
لكننا ونحن ننتقد هذه الممارسات، لا ننأى بأنفسنا عنها، لأن الوسطية كمفهوم لا تعدو أن تكون شعارا تربويا يحفزنا ديننا الحنيف على الالتزام به، لكن تركيبتنا النفسية تتجاذبها استقطابات التطرف.
لقد تأذت مجتمعاتنا بشدة من خطابات التهييج، وحان الوقت لكل ذي عقل أن يراقب نفسه وأن يصوغ أسئلة مهمة حول مدى اتساق عدالة ما يطالب به، باللغة الجائرة التي يستخدمها. كثير من الحقوق تضيع، لأن اللسان أحيانا يقذف عبارات تجعل صاحب الحق مدانا.
المساحة الأرحب التي يشيعها الحوار المصحوب بحسن الظن، تنشر سماحة ونبلا تحتاج إليه مجتمعاتنا دوما.