الخميس، 26 مايو 2011

زلة قلم جهاد الخازن


مقالة جهاد الخازن المنشورة في 23/5/2011



جهاد الخازن صحفي محترف وكاتب معروف، أتفق مع بعض طروحاته، وهو عنده قدرة على أن يمسك العصا من المنتصف بحيث لا يغضب هذا ولا ذاك. لكنه في مقالة نشرها في 23/5/2011 بدا مختلفا، وأثار غضب كثرين، ولم يجد حتى محبيه مبررا له، إذ يقول: (نحن في السنة الهجرية 1432، وهذا تاريخ لا يضم سوى سنتين يستطيع المسلم أن يفاخر بهما هما خلافة أبي بكر الصديق).
هذا الطرح فيه جور كبير على تاريخنا سواء خلال فترة الخلافة الراشدة أو ما تلاها من فترات شهدت انتصارات وانكسارات لكنها لا تعني أبدا إطلاق الكلام بهذا التعميم الذي يختزل التاريخ الإسلامي في حقبة أبو بكر الصديق رضي الله عنه. ناهيك عن التطاول على من تلا أبو بكر من الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم، وهي منطقة يبدو التجاوز فيها مدعاة للخطأ والخلل والتفسير والتأويل الذي يضع قارئ الصورة في منطقة اللا حياد.
وقد تعفف كثير من المؤرخين الأوائل عن الدخول في هذه الورطة، لأنه لا يوجد لها إيجابية واحدة، بينما هي تنطوي على سلبيات عدة ليس أولها الإرتهان إلى القراءات المتجنية ولا الإبتسار المخل، حتى لو كان الحديث في معرض التأكيد على تهافت فكرة الغلاة الذين يطالبون بإعادة ما يسمى بالخلافة الإسلامية. إذ من السهل على العقلاء أن يدركوا أن الخلافة شهدت على مر السنين مراحل مد وجزر، حتى انتهت بسقوط ما كان يعرف بالرجل المريض المتمثل في الدولة العثمانية التي كانت تحكم جزأ واسعا من العالم الإسلامي من خلال الأستانة. وبعدها وجدت كل دولة الصيغة التي تتناسب مع ظروفها، وهو سلوك كان معمول فالأندلسيون كانو يديرون أنفسهم بعيدا عن نفوذ الخلافة الإسلامية وكذلك الأمر بالنسبة لسواهم من الدول والممالك.
كل هذه الأفكار البدهية، لا تتطلب حتما أن يتبرع جهاد الخازن بإلغاء التاريخ الإسلامي ويقصره على الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فهذا التنطع لا يشبهه إلا تنطع غلاة الإرهابيين الذين يريدون إعادة إحياء فكرة الخلافة الإسلامية.
 لقد كانت السياسة الشرعية الإسلامية وما تزال تتمتع بالمرونة التي تجعلها قادرة على استيعاب فكرة الدولة المدنية والاستفادة منها، وهذا الأمر لا يتطلب أن يبادر جهاد الخازن لإلغاء كل شخوص التاريخ كي يقول لنا إن زمن الخلافة انتهى، فالكل يعرف هذه المعلومة البدهية، ولا يحتاج لمن يصدمه في تاريخه من خلال إيراد وقائع لا تتعدى أن تكون زلة قلم.    

الثلاثاء، 17 مايو 2011

بين "التوزير" و"التزوير" حرف تاه طريقه ... ورجل دخل جنته فقال: أنا أعز منكم





هو عنوان طويل، وهو أيضا فصل من سيرة تتكرر منذ آلاف السنين، فلا تحاول أن تفتش فيه عن جديد.

إنها سيرة الناس في غالب أوضاعهم.

أراد أن يكتب "توزير" فكتبها "تزوير".

في كل مرة حاول أن يعيد كتابتها، تأتي بنفس الصيغة الخاطئة. كانت صور الناس تتلاحق في ذهنه، وكانت تصريحات الوزير، تعكس "تزويرا" للوعي، يقول: حاسبوني بعد أربع سنوات.

مرت السنوات الأربع.

انتقل إلى منصب آخر، وقال: حاسبوني بعد أربع سنوات.

"تزوير" من أجل الـ "توزير".

وفي كل مناسبة تكتشف فيها أن "التزوير" هو المحرك لكل الأشياء.

في واجهة أخرى، بعيدة عن "التوزير" ولكنها ذات علاقة بـ "التزوير"، قال الشخص خطبة عصماء، أكد من خلالها أنه يؤمن بـ "التدوير". وأنه لا يقتنع بأن يبقى شخص في مكانه أكثر من خمسة أعوام.

لكن حتى الكلام عن هذا "التدوير" كان مجرد "تزوير".

كثيرون يمتشقون أقلامهم، أو يرتجلون خطبا عصماء من على المنابر، ويمارسون كلاما جميلا، لكن هذا الكلام، ليس سوى طبقة شفافة تسهم في زيادة عتمة الجوانب البشعة من الداخل البشع لهذا الإنسان أو ذاك.

في زمن ما، يقع المسؤول في فخ ورم الذات، فيبدأ العمل التحتي، الذي يمارس من خلاله الضغط، من أجل "تعويم" الحقائق، عبر الشرهات غير المنظورة، فيحشد من خلفه مجموعة من المستشارين، الذين لا تتم استشارتهم بشيء، بل يتم توجيههم بأن يقولوا للناس إن هذا الشخص أصبح ملهما وصار ضرورة، وعنده ينتهي العلم والمجد، ومن غيره سوف تغمر الحياة الظلمة والغبار.

تزوير وتدوير وتعويم... سرعان ما يتلاشى بمجرد مغادرة الشخص للمنصب.

إنها قصة تتكرر في كل مكان وزمان.

لا تبتعد كثيرا، أنظر حولك، سترى أحدهم قريب منك، تأمل وجهه وواقعه وأنت تقرأ هذه العبارات.

ليس شرطا أن يكون وزيرا أو مسؤلا كبيرا. الكل يمارس تزويرا على طريقته الخاصة، أحيانا يعطي هذا التزوير بيضة ذهبية، وفي كثير من الأحيان لا يمنح إلا خزيا ونكدا وسوء طوية.

وحتى تتكامل الصورة بثرائها، لا بد أن تلتفت يمنة ويسرة، لتجد مهرجا يمارس تبديل الأقنعة، لأنه قرر أن يكون : رجل كل العصور.

هذا الرجل، أنت تراه من الخارج كبيرا، لكنه، عندما تتأمل قليلا: ستجده مجرد قزم صغير، يتم ركل مؤخرته في كل ساعة، وهو بعد أن يفيق، ينسى تلك الركلة، ويعاود الإلحاح والقول: أنا أعز منكم.

لكن الصدى في داخله يرد عليه: كاذب.

وتأتي ردود أفعاله على نفسه قاتلة، فيركض هاربا من ذاته إلى ذاته.

ومع ذلك، تبقى الصورة جميلة مؤقتا، ... فنحن في الزمن الذي وصلت فيه عمليات التجميل إلى كل عضو في الجسد الإنساني، وأصبح التزوير يطال المشاعر، فتشهد الوجوه مبتسمة، رغم لا تبتسم. وترى القلوب مبتهجة، رغم أنها تضمر الغل والغدر.

حتى الصلاة، التي تنهى عن فاحش القول ومنكر الفعل، لا تردع الناس عن مثل هذا التزوير.

الغريب أن يسأل إنسان، عندما تنفجر الأوضاع: لماذا حصل ما حصل؟

هذا السؤال الذي تكرر منذ مطلع 2011 مرات عديدة، وبصوت مرتفع. ليس جديدا.

الحقيقة أنه أحد الأسئلة السرمدية، التي تأتي لتمثل عبارة مكرورة، قبل أن يتم إسدال الستارة على المسرحية البشرية المكرورة. في الصورة، سوف ترى زنديقا وعابدا تتزين جبهته بزبيبة مسجد وصلاة. في ذات المشهد سوف تجد أنهما رغم اختلافهما، إلا أنهما يتفقان في شيء واحد: الكراهية والجبروت.

عندما يغيبان، لا تشعر بطمأنينة كبيرة، هما غادرا، وسوف يعودان بقناعين آخرين وباسمين مختلفين.

إنها الحياة يا صديق. فلا تسرف على نفسك، وابتسم.

الأربعاء، 11 مايو 2011

شويخ من أرض مكناس يجدد حلم تلاقي الأطراف




من عمان إلى الرباط، عاد حلم تلاقي الأطراف بين الخليج والمحيط، ليعكس حلم العناق. لكن الأمر يبدو محض حلم، لم يحظ شعبيا سوى بالتندر. الواقع أن العرب بعد تجارب الوحدات الإندماجية التي خاضها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر مع سوريا، والتجارب المتعددة التي خاضها الرئيس الليبي معمر القذافي مع أكثر من بلد، صاروا ينظرون للمسألة بنوع من التوجس. لكن الجديد أن المبادرة هذه المرة خليجية، وهي تأتي على خطى مسيرة تلاقي لم تتكامل مع العراق واليمن. ومنذ الإعلان عن التوجه خلال القمة التشاورية، وأنا أرصد الصدى الشعبي، من خلال تويتر. لكنني أنى يممت وجهي، سواء تجاه المتوترين الخليجيين أو الأردنيين أو المغاربة، أجد كما كبيرا من النكت التي تؤكد أن الدم العربي صار خفيفا ورشيقا. الكل يتفق على أن الحلم جميل، لكن هذا التلاقي يبدو بالنسبة للبعض مثار أسئلة لا تزال تبحث عن إجابة: هل هذه الخطوة هي مسيرة باتجاه إنشاء كيان بديل للجامعة العربية الهرمة؟ أم أنه تجمع يضم أنظمة متشابهة في الرؤى والتوجهات؟ أم أن الأمر هو تطوير بشكل أو بآخر لاتحاد اقتصادي يفتح الآفاق أمام حلم السوق العربية المشتركة الذي تم وضع بذرتها في الأرض منذ عشرات السنين لكنها أثمرت مزيدا من القوانين التي تهدد نمو الاستثمارات العربية العربية. لقد أثبتت تجربة دول الخليج في كثير من المناحي الإقتصادية أن هناك أمل. لكن ماذا سيحدث عندما تصبح دولتان أو أربع دول ضمن المنظومة، هل ستستطيع أن تنخرط في سلسلة القوانين المرنة، أم أنها ستؤدي إلى إبطاء حركة التقارب والإنجاز البطيئة أصلا.
هذه الخاطرة الأولى، تأتي على إيقاع تبادل كل الأشقاء والأصدقاء في هذه الدول للطرف والنكات التي تعكس قدرا كبيرا من الإحباط الذي يعيشه المجتمع العربي الذي تهصره البطالة والفقر والوعود المؤجلة، فلا يملك سوى أن يستحضر صوت المغني وهو يردد : شويخ من أرض مكناس ، وسط الأسواق يغني...وش علي أنا من الناس ... وش على الناس مني.
طيب الله أوقاتنا العربية.

الثلاثاء، 10 مايو 2011

ناحية القلب




ناحية القلب
هناك شيء توارى
لم أعد أراه
و... همست لنفسي:
ها أنا أتأهب لارتحال
يمنحني بعض سلوى
فأنا
عند كل طعنة
أحاول أن أبتسم
في وجه صلف اللحظة
وأقول
ثمة غد أجمل
أصوغ الأمل من حولي
وقلبي يلوذ بي
يقول لي
ناحية القلب
ها هنا وحشة
وبعض ألم
فأهمس
غدا...
غدا ستكون بخير
غدا سيكون أجمل

الثلاثاء، 3 مايو 2011

عربيا تجاوز الخطوط الحمراء يحرمك من رؤية الشمس




صادف يوم الثالث من مايو الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة. في هذا اليوم، النظرة على الأوضاع في العالم العربي تشير إلى أن الحريات تتراجع بشكل لافت.
وإذا ما غضضنا الطرف عن قناة أو أكثر تعتبر أن الحرية تتمثل في الشتم، ليس ثمة ما يغري بالحديث عن حرية مسؤولة وحقيقية. فالفضاء العربي يعج بالكثير من المنابر الإعلامية ذات اللون الواحد.
وبين قنوات اللون الأسود وقنوات اللون الأحمر وقنوات اللون الأصفر تتهادى الأفكار التي تتنازع على عقل المتلقي راغبة في حقنه بفكرة واحدة، وبعض القنوات لو امتلكت عصا لأمسكته وجربت أن تستخدمه مع كل مشاهد وهي تصرخ: ألا تفهم يا ولد؟!
حال الصحافة لم يعد بعيدا عن هذا الواقع مع الأسف، والرقابة اللصيقة للإعلام العربي ليست فقط من خلال الأنظمة والقوانين الخاصة بالنشر، بل إن الرقابة الأقسى هي رقابة تصطنعها تيارات وأحزاب تهيمن على الصورة العربية وتتحكم فيها، باعتبار أن هذه الأحزاب ورثت هذه الهيمنة من الأحزاب السابقة.
ومن هنا فلن تعدم أن تستغرب وأنت تسمع عن بلد طالب فيه الثوار بالحرية، وعندما نالوها، التفتوا إلى الإعلام وطالبو بتقييد حريته. وهي صورة ليست جديدة مع الأسف، فالإعلام كان دوما هو (المركوب) الذي تستخدمه الأيديولوجيات لتحقيق مآربها، ثم تأتي لحظة الحقيقة ليكون هو الذبيحة الأولى التي يجري تقديمها على المذبح.
حدث هذا الأمر في الإتحاد السوفيتي، وحصل في كل الدول التي سارت في فلكه، ويحدث في مختلف بلدان العربي بلا استثناء.
وفي بلد أو أكثر توجد فيه مدينة إعلامية، يحق لكل وسائل الإعلام التي تستضيفها مدينته أن تتحدث عن أي شيء إلا عن البلد التي يستضيف هذه القناة. وأي خروج عن هذا النص، مدعاة للتضييق على هذه القناة أو تلك، وأحيانا سحب الترخيص منها.
لقد انصاعت قنوات عربية في تلك المدن الإعلامية لاشتراطات اللعبة، فأغمضت عينيها كثيرا عن الأزمات التي يشهدها هذا البلد، وسلت سكاكينها على بلدان أخرى.
هذه الصورة موجودة في أكثر من بلد عربي مع الأسف. الحرية تتوقف عندما تفتح عينيها على واقع هذا البلد أو ذاك.
 لهذا السبب يسهل كثيرا التشكيك في مصداقية هذه القناة أو تلك. والأمر نفسه ينسحب على الصحف والمجلات.
المنبر الوحيد الذي يتمتع بمساحة أفضل هو التدوين. وحتى هذا المنبر، يعاني من يمارسه من فوبيا تجاوز الخطوط الحمراء التي ستنقله إلى ما خلف الشمس. 

الأحد، 1 مايو 2011

غاب أسامة بن لادن : هل تنشط عناقيد القاعدة؟



أسدل الرئيس الأمريكي باراك أوباما الستار على قصة أشهر مطارد في العالم: أسامة بن لادن. صور كثيرة مدهشة لقصة حافلة بآلام أبرياء لقوا مصرعهم نتيجة فكر القاعدة الذي استشرى في العالم.
أمريكيون يحتفلون بمقتل أسامة بن لادن
بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، تباينت الرؤى والتصورات حول الرجل. مسلمون رأوا في هذا الأمر انتصارا، لكن آخرين كانوا يستشرفون الصورة الأسوأ التي تحققت فيما بعد، فقد أفضى إرهاب القاعدة وعناقيدها، إلى تشويه صورة الإسلام وتحويل المسلمين إلى موضع اشتباه وارتياب.
لم يتوقف إرهاب القاعدة عند غير المسلمين، فقد اكتوى بنيرانهم مسلمون في أكثر من بلد عربي، من بينها السعودية التي كانت مسقط رأس أسامة بن لادن.
من المؤكد أن أسامة بن لادن، مثله مثل بقية الأفغان العرب، وجد في أفغانستان تربة خصبة، أعطته فرصة لتأصيل فكر الغلو والتطرف.
لقد بدت عملية تصنيع الأفغان العرب، تحت السيطرة بالنسبة لعدد من القوى الإستخبارية الدولية والإقليمية، لكن خروج السوفيات من أفغانسان، أبقى إشكالية الأفغان العرب، الذي تشكل فكرهم من جديد في أفغانستان، وصاروا غرباء عن الفكر الإسلامي وفكر بلدانهم.
هذه الغربة جعلت الأمر يأخذ بعدا مخيفا، فأفغانستان صارت نافذة لتمدد عناقيد القاعدة شمالا وجنوبا، وشرقا وغربا.
ولعل خروج القاعدة من السيطرة، أفضى في النهاية إلى سلسلة من العمليات الإرهابية والإنتحارية، التي توجتها القاعدة بأحداث 11 سبتمبر 2001.
موت أسامة جعل الكل يسأل: وماذا بعد؟
هناك من يتخوف من عناقيد القاعدة. وتمدداتها التي تنتشر هنا وهناك. هل ينتهي تنظيم القاعدة؟ لا يمكن الجزم بذلك. فأسامة بن لادن قبل مقتله، وأيمن الظواهري حاليا كانوا أقرب إلى التنظير من الفعل التنفيذي.
لقد سئم العالم وضمنهم المسلمين، من خيارات العنف التي أشغلته طويلا، سواء كان هذا العنف يساريا أو نازيا أو إسلامويا.
العالم يتهيأ لبدء حقبة طويلة، وعينه حاليا تتركز على عناقيد القاعدة، التي ربما تترجم غضبها لغياب قائدها، من خلال عمليات نشطة تتخذ من بعض الكيانات القلقة ـ اليمن ومصر وليبيا مثلا ـ منصات انطلاق مؤثرة.