الأربعاء، 30 أبريل 2014

قال داود: تبا لكم



كانت السعودية كلها على موعد مع مسفر عبر الثامنة مع داود الإثنين الماضي. هو اليوم نفسه الذي كتبت فيه مقال عنوانه “عودة مسفر”، وكنت أعلق على خبر عودته، وأعترف لكم أن والدته أبكتني كما أبكت داود وشريحة كبيرة ممن شاهدوها في حلقة سابقة من برنامج الثامنة مع داود على mbc. لذلك عندما قرأت على “تويتر” أن “مسفر” سيظهر على شاشة mbc حرصت أن أشاهد الحلقة. استحضرت دمعات أم محمد وهي تبكي بحرقة. واستحضرت أصوات وكتابات الساخرين من دمعاتها.

كان مسفر شاهدا على حالة الاختطاف التي تتعرض لها عقول بعض أبنائنا وبناتنا. الخاطف لا يبدو ظاهرا في الصورة، إلا على هيئة متوالية من الأشباح هنا وهناك، لتنتهي المسألة باستقطاب هؤلاء إلى طاحونة الحرب بالوكالة. بينما هم يواصلون جهادهم عبر فضائيات التهييج، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنهم يضعون لأنفسهم خط رجعة، فعباراتهم التحريضية تأتي حمالة أوجه، كما هو حال بعض خطب الجمعة التي تكيل الدعوات بالموت والفناء على أعداء الدين، وهم يقصدون دينهم هم، الذي يرى في سفك الدماء طريقا مسوغا حتى ولو مات مليون أو أكثر كما قال أحدهم في معرض حديثه عن مصر.

ظهور مسفر على mbc أسهم في سقوط الأقنعة، وتوجيه الصفعة تلو الأخرى لتيارات تحصر الفهم للإسلام بمنطقهم ورؤيتهم.

كانت خاتمة حلقة داود: تبا لكم، تليق بهذا المشهد الهزلي الذي جعل صورتنا تقترن لدى الآخرين بشهوة القتل والزواج من اللاجئات بزعم حمايتهن. صحيح أن هذه الصورة المبتذلة تمثل حالات شاذة، ولكن الأمر يتطلب جهدا خارقا لتأكيد أن تلك الصور المجتزأة هي نتاج السكوت عن مثل هؤلاء. لقد كان الأفغان العرب وبالا على مجتمعاتنا، وكان من الممكن أن تتكرر الصورة مع من تم اختطاف عقولهم وتهريبهم إلى سورية بزعم الجهاد.

مسفر كشف كيف ينظرون في سورية للخليجيين الجهاديين. الأمر بالنسبة لهم لا يعدو عن كونه رهينة تقدم لهم المال، فإذا انتهى المال باعوه للنظام ليقبضوا مالا.

ألا نعذر داود الشريان بعدها حينما يختتم حلقته مخاطبا المهيجين بعبارة: تبا لكم؟!


عودة مسفر


كان بكاء أم محمد في الثامنة مع داود على mbc من الأمور التي أفضت إلى زيادة المناهضين لخديعة شيوخ التهييج، الذين أسهموا في تحريض الشباب لما أسموه النفير إلى سورية بدعوى الجهاد.

لم تسلم أم محمد من تشكيك بعض هؤلاء باعتبارها شخصية مصطنعة بزعمهم.

كان هذا الإمعان في الأذى، يكشف الضرر الذي شعروا به بعد ظهور تلك الحلقة. كانت الحقائق تترى، وكانت الكواشف تتوالى في مواقع التواصل الاجتماعي. أحدهم يحرض على الجهاد ثم يكتب عن فرحته بزواج ابنه. ابن أحدهم يستعرض على تويتر صور رحلته في شرق آسيا.

بينما والده يواصل ضخ الكراهية والتحريض بين أبناء المجتمع الواحد، ويؤجج الحس الطائفي المقيت. كانت الصورة ولا تزال تتسيدها صورة أناس يتوسلون بالدين لاقتياد أبنائنا وبناتنا تجاه حرب مستعرة، بينما هم يمارسون الفرجة والتهييج من بعيد. عاد مسفر إلى حضن أمه. وسبقه عائدون آخرون، بعد قرار ولي الأمر بتجريم من يغرر بالشباب ويدفعهم إلى أتون الحروب العمياء باسم الجهاد.

 ولكن بقيت أنفاس هؤلاء وأولئك، تخاتل أفكار القاعدة والحركية التي تتلبس في نفوسهم؛ فيكيلون المديح لهذا وذاك، ولكن أصواتهم تتوارى عندما يكون الكلام إعزازا للوطن وقادته.

في فترة من الفترات، لم يكن أحد يجرؤ على مثل هذا الكلام خشية أن يتم وصمه بالإساءة للدين. لكن ثبت لاحقا أن الدين بريء مما يفعله الحركيون ويمارسونه. سقطت الأقنعة وانكشفت الصورة.

الثلاثاء، 15 أبريل 2014

إلغاء انتخابات المثقفين

هل يحق لوزارة الثقافة والإعلام التخلي عن نظام الانتخابات في مجالس إدارات الأندية الأدبية واللجوء للتعيين؟! السؤال يضع علامة استفهام كبرى.

إذ إن وجود إشكالات في الأندية الأدبية لا يمكن أن يتم علاجه بإبطال نظام قررت الدولة أن تأخذ به في الجامعات والمجالس البلدية وحتى مجلس الشورى في خطوة مستقبلية. وبالتالي فإنه لا يحق لوزارة الثقافة والإعلام أن تتوكأ على عصا الإشكالات التي حدثت في هذا النادي أو ذاك من أجل تبرير موضوع الإلغاء.

ومن هنا فإنني أتفهم ردة الفعل السلبية على إعلان وزارة الثقافة والإعلام نيتها اعتماد مبدأ التعيين بدلا من الانتخاب. ومن يدري، فقد تقرر الوزارة أن تعمم الأمر على هيئات المجتمع المدني الخاضعة لإشرافها مثل هيئة الصحفيين السعوديين وجمعية الكتاب السعوديين والناشرين ... إلى آخره.

إن مبدأ “الباب اللي يجي لك منه ريح ... سده واستريح” لا يمكن أبدا اعتباره الحل الناجع في هذا العصر. إن من المهم معالجة الإشكالات، وجزء من العلاج يتعلق بتحفيز المثقف والأديب على ممارسة حقه في التصويت والانتخاب؛ إذ إنني أجزم بأن جزءا من الأخطاء التي واكبت انتخابات الأندية الأدبية، وأدت إلى تسنم فئة كانت حاضرة في المشهد، بينما تعاملت بقية ألوان الطيف مع فكرة التصويت والانتخاب بنوع من التواكل واللامبالاة والسلبية، لكن عندما ظهرت النتائج بدأت التوجهات والأخطاء تحفز على المعارضة.

لقد شهدت بعض الأندية الأدبية مواجهات مع وزارة الثقافة والإعلام في المحاكم بسبب تدخلها في شؤون مجالس الإدارات المنتخبة.

وهذه الصورة التي جعلت القضاء يرفض إجراءات الوزارة ضد المجالس المنتخبة، أوجدت مثقفين آخرين أيدوا هذه القرارات وصفقوا لها ربما نكاية في خصومهم، لكنها في النهاية جاءت لتقويض منجز وليد كان من الممكن أن يغدو أجمل لو تمت حمايته وتقييد تدخلات الوزارة والعمل على إعادة صياغة رؤية يحددها الأدباء والمثقفون حول من ينتخب من وكيف؟!

هذه الرؤية التوافقية أفضل حتما من مخالفة مسار الدولة في الأخذ بمبدأ الانتخاب في أكثر من قطاع، سواء في الجامعات أو البلديات أو الغرف التجارية وجمعيات النفع العام ... إلى آخره.

إن المأمول أن تعيد الوزارة النظر في قرارها، وعلى الأندية الأدبية والأدباء اللجوء إلى ديوان المظالم ضد هذا القرار غير المتوقع.


الأحد، 13 أبريل 2014

هل نحتاج إدارة حكومية إلكترونية للخطبة والزواج في السعودية؟



تنتشر في الغرب ظاهرة المواقع والتطبيقات الاجتماعية التي تهدف للجمع بين شخصين. هذه التطبيقات تمثل نافذة من نوافذ التواصل بين الذكور والإناث. ولا شك أن هذا الأمر بالشكل المطبق هناك، لا يتسق مع مفاهيمنا وقيمنا الدينية والمجتمعية.

لكنني قصدت من الحديث عن هذا الأمر، الخروج بفكرة أقترح أن تتبناها وزارة الشؤون الاجتماعية، وتعتمد على إيجاد وسيلة إلكترونية يمكن من خلالها استقبال طلبات الزواج سواء من خلال الشباب أو الفتيات أومن خلال الأسر أيضا.

وكما يقدم المرء طلبا لقرض أو خدمة ما، يمكن الاستفادة من التقنية في تيسير الزواج لمن لا يجد وسيلة مباشرة إلى هذا الأمر، بحكم التعقيدات التي أفرزتها الحياة المعاصرة، التي جعلت الإنسان لا يعرف حتى جيرانه.

هذا الأمر في رأيي يتسق مع المهمات التي أوكلها مجلس الوزراء إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بتنفيذ دورات تثقيفية للراغبين في الزواج من الجنسين.

أعرف حساسية هذا الأمر، لكنني أستشعر أهميته وضرورته بالنسبة للبعض.

لقد تحول الأمر إلى تجارة لكل من هب ودب. مواقع إلكترونية التسجيل فيها بمقابل مادي وأغلبها تقوم بأدوار مشبوهة، وهناك مجاهيل ومجهولات على "تويتر" و"فيس بوك" يقدمون أنفسهم باعتبارهم يقدمون خدمات الزواج. وبعضهم يقول إنه متخصص في المسيار فقط، وأخريات يعرضن خدمات لا تمت للزواج بأي صلة.. إلى آخره.

المؤلم في كل هذا، أن هناك من يهدر أسراره وماله على هؤلاء، رغم عدم جدية الخدمات التي يقدمها معظمهم.

وهناك جمعيات خيرية تمارس هذا الدور، وجهدها رغم أنه محدود إلا أنه مشكور تماما.

لنكن واقعيين ونعترف أن ظاهرة العنوسة والعزوبة في مجتمعنا وفي كل المجتمعات العربية، أصبحت مصدر شكوى وقلق كثير من الأسر وإن منع الحياء معظمهم عن التصريح بذلك.

قبل أن أختم هذه المقالة لابد أن أشكر الأخ محمد بن سعيد السناني الذي تفاعل مع مقالتي: شباب وشابات دون زواج ("الاقتصادية" 2014/3/26) وتكلف عناء الحضور للصحيفة حاملا وجهة نظره التي تؤكد ضرورة إعطاء موضوع تزويج الشباب والفتيات اهتماما أكبر. ويؤسفني أنني لم أتمكن من مقابلته؛ لكنني تعلمت من رسالته الكثير، وكنت أتمنى أن أستمع إلى شريط كاسيت أهداني إياه يضم تسجيلا لحلقة من إذاعة الرياض تناقش الموضوع ذاته، لكنني مع الأسف لا أملك جهاز تسجيل، فقد أفقدتنا التقنية الحديثة العلاقة الحميمة سابقا مع الكاسيت.


الإنجاز واجب المسؤول



ينسبون إلى نابليون عبارة تقول "إذا أردت أن تحقق النجاح فلتَعِد بكل شيء، ولا تفي بأي شيء".

عبارة كارثية خاطئة، ومع عدم التسليم بصحة النسبة إلى نابليون، إلا أن حال بعض المسؤولين التنفيذيين لدينا ليس بعيدا عن هذا.

في التقرير الذي نقله الزميل محمد العوني عن أداء هيئة المدن الاقتصادية ونشرته "الاقتصادية" أمس مثال شديد الوضوح على عدم الإنجاز.

وعلينا قبل هذا أن نذكر إحقاقا للحق أن هذه المدن الاقتصادية كانت تحت مظلة الهيئة العامة للاستثمار، وكان هناك وعود كثيرة بوظائف مليونية ومصانع بالمئات. مجلس الشورى واجه هيئة المدن الاقتصادية بالحقيقة التي يعرفونها فيما يخص ما تحقق في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في رابغ نسبة الإنجاز 5 في المائة.

بينما تتضاءل النسبة في مدينة المعرفة الاقتصادية إلى 4 في المائة ويزيد التناقص في نسبة الإنجاز في مدينة جازان الاقتصادية إلى 1 في المائة. أما نسب الإنجاز في مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية فهي صفر في المائة.

الذي قاله لنا المسؤولون السابقون قبل بضعة أعوام ونشرته وسائل الإعلام غير هذا.

وأتذكر أنه كان من المحظور على الناس التشكيك في أن مدينة جازان الاقتصادية ستوفر نصف مليون وظيفة. كان موقع الهيئة العليا يتباهى بأنه سيوفر فرصا وظيفية بمئات الآلاف في هذه المدن.

وقلت في مقال سابق إنه قياسا على هذه الأرقام يفترض أن تكون وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل في رغد وراحة بال، إذ لن يكون لديهما ضغوط متواصلة لتوفير مزيد من الوظائف للعاطلين.

لقد أخذ بعض المسؤولين السابقين بالمقولة الموجودة في بداية المقال، وعندما أصبحوا خارج المسؤولية بقيت تصريحاتهم ووعودهم تلاحقهم.

لقد أعاد الملك ــ يحفظه الله ــ خلال إقرار ميزانية هذا العام ما سبق أن تحدث عنه في أعوام سابقة من ضرورة أن يراعي المسؤولون عظم الأمانة الملقاة على عواتقهم. ونحن نتذكر عبارته الشهيرة: من ذمتي إلى ذمتكم. والحق أن هناك من كان على مستوى ثقة القيادة فأنجز، وهناك من لم يحقق المطلوب منه فكان عليه أن يترجل.


السبت، 12 أبريل 2014

وطننا أمانة



عندما أعود بذاكرتي بضعة أعوام، أجد أن عددا كبيرا من الملفات أخذت طريقها للحل. تم توظيف عدد كبير من الشباب والفتيات. والمستقبل يعد بالمزيد. تم حل إشكالات مجموعات من الخريجات والخريجين. وما زال المجتمع ينتظر المزيد. وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل ووزارة التربية والتعليم .... إلخ. تلقت توجيهات مباشرة من الملك ومن ولي عهده الأمين- يحفظهما الله- بضخ مزيد من الشباب والفتيات إلى سوق العمل، وقد كان.

تواكب ذلك مع تطويق لمشكلات المحتاجين عبر وزارة الشؤون الاجتماعية، وفي وزارة التعليم العالي كانت قافلة الابتعاث تتواكب مع قفزات متسارعة في عدد الجامعات. خلال عشرة أعوام تضاعف عدد الجامعات السعودية أكثر من مرة. لدينا حاليا 28 جامعة حكومية و29 جامعة وكلية أهلية، وهناك مزيد في الطريق.

وزارة الإسكان بدأت تتحرك من أجل تطويق مشكلات السكن. خطوات حثيثة للعلاج، يشوبها قصور ربما لكن القطار بدأ يتحرك بشكل أكثر سرعة من ذي قبل.

لا أقصد من كل هذا الكلام تقديم إحصاء واستعراض للمنجزات.

لكنني أقول إن التاريخ سوف ينصف رجل المرحلة الملك عبد الله بن عبد العزيز وعضده الأيمن الأمير سلمان بن عبد العزيز يحفظهما الباري.

من المهم أن نتحدث عن هذا الخير وتلك النعمة التي عمت البلاد. هناك من لا يسرهم هذا الكلام، ويسعون للتثبيط والتحبيط والتحريش.

هناك من لا يسعد بهذا الاستقرار والتلاقي بين كل أطراف هذا الجسد. هناك من يسعى لرمي الأحجار على هذه النخلة المثمرة، ويحاول التفريق بين فروعها تارة بطرح طائفي وأخرى بزعم مناطقي وثالثة بسياق نفعي ظاهر.

هناك من يتوسل بالخيانة والمزايدة، وهو يتوكأ تارة بالدين وأخرى بالعصبيات الممقوتة.

الوطن اليوم كبير بكل فئاته وجغرافيته. وهو يكبر أكثر كلما خابت أماني المثبطين والمتربصين.

حفظ الله الملك وولي عهده ونائبهما الثاني وبارك في بلادنا وحفظها سالمة وآمنة من سوء الحساد والمندفعين دون بصيرة.

إن الوطن أمانة في أيدي الجميع، وعلى كل فرد في هذا النسيج أن يكون يد بناء وعطاء، وألا يتحول دون أن يشعر إلى أدة تهديد واستهداف لهذه المنجزات وهذا الاستقرار والنماء.


الاثنين، 7 أبريل 2014

وطننا أمانة



عندما أعود بذاكرتي بضعة أعوام، أجد أن عددا كبيرا من الملفات أخذت طريقها للحل. تم توظيف عدد كبير من الشباب والفتيات. والمستقبل يعد بالمزيد. تم حل إشكالات مجموعات من الخريجات والخريجين. وما زال المجتمع ينتظر المزيد. وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل ووزارة التربية والتعليم .... إلخ. تلقت توجيهات مباشرة من الملك ومن ولي عهده الأمين- يحفظهما الله- بضخ مزيد من الشباب والفتيات إلى سوق العمل، وقد كان.

تواكب ذلك مع تطويق لمشكلات المحتاجين عبر وزارة الشؤون الاجتماعية، وفي وزارة التعليم العالي كانت قافلة الابتعاث تتواكب مع قفزات متسارعة في عدد الجامعات. خلال عشرة أعوام تضاعف عدد الجامعات السعودية أكثر من مرة. لدينا حاليا 28 جامعة حكومية و29 جامعة وكلية أهلية، وهناك مزيد في الطريق.

وزارة الإسكان بدأت تتحرك من أجل تطويق مشكلات السكن. خطوات حثيثة للعلاج، يشوبها قصور ربما لكن القطار بدأ يتحرك بشكل أكثر سرعة من ذي قبل.

لا أقصد من كل هذا الكلام تقديم إحصاء واستعراض للمنجزات.

لكنني أقول إن التاريخ سوف ينصف رجل المرحلة الملك عبد الله بن عبد العزيز وعضده الأيمن الأمير سلمان بن عبد العزيز يحفظهما الباري.

من المهم أن نتحدث عن هذا الخير وتلك النعمة التي عمت البلاد. هناك من لا يسرهم هذا الكلام، ويسعون للتثبيط والتحبيط والتحريش.

هناك من لا يسعد بهذا الاستقرار والتلاقي بين كل أطراف هذا الجسد. هناك من يسعى لرمي الأحجار على هذه النخلة المثمرة، ويحاول التفريق بين فروعها تارة بطرح طائفي وأخرى بزعم مناطقي وثالثة بسياق نفعي ظاهر.

هناك من يتوسل بالخيانة والمزايدة، وهو يتوكأ تارة بالدين وأخرى بالعصبيات الممقوتة.

الوطن اليوم كبير بكل فئاته وجغرافيته. وهو يكبر أكثر كلما خابت أماني المثبطين والمتربصين.

حفظ الله الملك وولي عهده ونائبهما الثاني وبارك في بلادنا وحفظها سالمة وآمنة من سوء الحساد والمندفعين دون بصيرة.

إن الوطن أمانة في أيدي الجميع، وعلى كل فرد في هذا النسيج أن يكون يد بناء وعطاء، وألا يتحول دون أن يشعر إلى أدة تهديد واستهداف لهذه المنجزات وهذا الاستقرار والنماء.


الأحد، 6 أبريل 2014

سوانح لشخص جامح

هل تتوقع ــــ في أقصى حالات المثالية ــــ أن يشتمك إنسان، ثم تحسن إليه؟! هذا الفعل الملائكي؛ يندر أن تجده في الواقع، وإن وجدته فستجده في ثنايا كتب وحكايات النوادر والطرائف التي يتم نقلها عن الحكماء، ويتم الاستشهاد بها على الحلم ورجاحة العقل التي تتجاوز طاقة معظم البشر.

الأمر يحتاج إلى أن تتوكأ على الحصافة والسمو والنبل، واستحضار أقصى درجات الرصانة، إذ من اللؤم أن تكون ناكرا لكل جميل، جائرا على الناس من حولك ثم تطالب بأن تنال حقا لك في الشارع أو سواه. كي تحصل على هذا الحق، عليك في المقابل أن تمنح سواك حقه.

إن حالة التجاوز والتطاول التي تتلبس بعض الناس تبقى مسألة محيرة، ولا تتسق مع صفات العربي الأصيل والمسلم النبيل الذي يؤمن أن جزاء الإحسان هو الإحسان.

إن الوعي يتعرض للاغتيال، والمحاكاة مع الأسف حاليا تتم بالقول والفعل لبعض من يمارسون الجور، وهذه من عجائب هذا الوقت، إذ ما المغري في تقليد لئيم سيء اللفظ والفعل.

لقد عززت مواقع التواصل الاجتماعي للإنسان فرص التعبير والكلام، لكن البعض يحتاج إلى ثقافة الإنصات والإنصاف وعدم الجور أو الكذب والتجاوز على الكبار واستضعاف الصغار واحتقارهم. حتى في أقصى حالات الخلاف والاختلاف؛ هناك مساحة يمكنك فيها أن تكون راقيا ورحيما وكريما ونبيلا؛ فلماذا يترفع البعض عن هذا السلوك الجميل؟!

قبل أن توجه الشتيمة إلى إنسان، مهما اختلفت معه، توقف قليلا واسأل: ماذا لو كنت أنت الذي تتعرض لمثل هذا التصرف؟! قرر أن تتوقف عن ذلك، ولا داعي للمكابرة. إننا نتعلم كل يوم كي نصحح أخطاءنا بالأمس.

الأربعاء، 2 أبريل 2014

الحراك السعودي



أعجبتني عبارة الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم خلال الاحتفاء بجائزة الملك فيصل العالمية. قال الأمير: «إن السعودية تعيش حراك تنمية وثقافة، لا حراك ميليشيات وحرب».

وهذا أمر حقيقي، ولكن ثمة من يحاولون إشاعة فكرة اليوتوبيا عن مجتمعنا؛ ثم يعمدون إلى تكثيف السلبيات والسعي لاستخدامها مادة للتحريض والتهييج.

هذا السياق بدأ يتشكل عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأصبح النأي عن فخ هذا التهييج أمرا وقرارا يتعلق بالإنسان. هنا لا بد من الإشارة والتنويه إلى أن شباب وبنات الوطن أصبح لديهم من الوعي والإدراك ما يجعلهم يقرؤون الصورة بشكل حصيف، وبالتالي تتحول الأصوات الموتورة إلى مادة للتندر والتسلية.

إن الحراك السعودي الواعي، هو حراك حقيقي، يلتف بكامله من أجل الوطن والإنسان والقيادة. وهذا الفعل الجمعي الطبيعي، أحد الأمور التي لا تسر العدو.

إن الرهان على الوعي وعلى روح المواطنة الحقة، مسألة لا يمكن أن تقترن بفوائد فردية، إذ هي صمام أمان يفضي إلى تحقيق معادلة الاستقرار والتنمية. هذه المعادلة التي جعلت السعودية - وإن تعامى البعض عن هذه الحقيقة - أحد خيارات الاستثمار الآمنة إقليميا ودوليا.

ووسط كل هذا؛ كان لا بد لبعض الأصوات الانتهازية أن تسعى لاستغلال قضايا عادية من أجل تحويلها إلى قضية رأي عام. لا نختلف حتما في أهمية أن تعلو الأصوات ضد أي مظهر سلبي؛ لكن مع استحضار روح المسؤولية والمواطنة، وصد المزايدين على هذا الكيان الشامخ بقادته وأبنائه وأرضه الطاهرة.