الاثنين، 25 أبريل 2011

الأحرار ينافقون أيضا


 ما أن تطرح رأيك في أي أمر، حتى يتأهب من يعارضك لتسفيه هذا الرأي واتهامك بكل سوء.
 الخلاف في الآراء عربيا  صار يعني العداء وليس الحوار.
بعد أن انطلقت الفضائيات العربية، تأسست تلك الحواريات التي تكرس للسقوط الكلامي والفكري، وبالتالي كان علينا أن نشهد في هذه القناة رجلا يصفع الآخر، وأن نرى في قناة أخرى الأمر يتحول من حوار إلى حلبة للملاكمة.
هذا الفعل العبثي أصبح مثار تندر بين الناس، ويتناقل الصغار والكبار مقاطع على اليوتيوب، تعكس إلى أي مستوى يمكن أن ينحدر الحوار الفضائي الحر.
لكن السؤال هو: كيف استيقظ فجأة مثل هذا الإنفلات، حتى أصبحنا نشهد الملاسنات التي تدخل في قائمة المحضور من السباب واللعنات التي تكال لأم هذا ولأبي ذاك، دون أن يرف جفن لأي هيئة إعلامية مدنية توجه اللوم الخطابي على الأٌل للقناة التي تتجاوز.  
ولعل تعليق البعض على مثل هذه المقاطع، بالقول إن هذه شوارع ودكاكين لم يبتعد كثيرا عن الحقيقة.
لقد أسست قناة الجزيرة تحديدا لثقافة التعبير السوقي والشوارعي، الذي يتبادله نخب ثقافية وسياسية بشكل يعكس صورة ممجوجة للشخصية العامة التي يترقبها المتلقي متوقعا منها أن تعطيه رؤى وتصورات وأفكار جديدة، فإذا بها تهبط إلى مستوى ينأى كل من يحترم نفسه عن الوصول إليه.
ومن المثير للسخرية، أن يتحاور شخصين في التاريخ، فيتحولا إلى كتلتين من الغضب، كل واحدة تحاول أن تنتصر لرأيها، وفي نهاية الحلقة يمسح كل منهما عرق جبينه، ويصافحهما المذيع في مشهد يجسد قمة السخرية لتنتهي الحلقة على طريقة فيصل القاسم: أشكركما ..أشكركما لم يبق عندي وقت.
إن سطوة قنوات التهييج الإعلامي على النخب، جعلت بعضهم يتمرغون في النفاق، وهم الذين يوهمون أنفسهم قبل الآخرين أنهم أحرارا.
 لكن الحرية إذا كانت مغموسة بالشتائم وتزييف العقول، يمكن إطلاق أي إسم عليها، لكنها ليست حرية. ولا يمكن الحديث بمواربة عن هذا الأمر لمجرد الحرص على الإطلالة على المشاهدين، أو المشاركة في مؤتمر تنظمه هذه القناة أو تلك تارة عن الديموقراطية وأخرى عن الأفلام التسجيلية. 

الخميس، 21 أبريل 2011

بين الأحذية والأقدم







''إنك لرجل غريب ، يحمّل حذاءه أخطاء قدميه'' هذه العبارة التي انتزعتها من مسرحية (في انتظار جودو) لصمويل بيكيت.
تضيء صورا كثيرة، صحيح أنها صور عابرة، لكنها صادقة. ما أكثر ما نجد أنفسنا نضع ألف مبرر ومبرر للفشل، لكننا غالبا نستبعد السبب الحقيقي، وأحيانا نميل إلى أن نكتفي بالنظر إلى قميص يوسف المصبوغ بدم الشاة. 
هذا الأمر أيسر من إجهاد النفس ومواجهة الحقيقة.مثلا : نحن نتحدث عن مشكلة الوعي، والافتقار إليه، ومشكلة احترام الأنظمة، بل مشكلة تنفيذ بعض الأنظمة والقوانين. لكننا دوما نفتش عن متهم سوانا. نشتم من يخالف أنظمة السير في الطريق، ولكننا نخالف. نطالب الآخرين بأن يكونوا متحضرين ويقفون في الطابور أمام كاونتر الجوازات أو الخطوط السعودية ولكننا نبيح لأنفسنا ألا نلتزم. ندعو إلى عفة اليد والنفس واللسان، وكثيرا ما نقوم بتعطيل هذه الكلمات البسيطة عندما يتعلق الأمر بنا باعتبار أن ''الله غفور رحيم''. هذه المعضلة الأزلية لا علاج لها إلا من الداخل. الأنظمة والتشريعات هي أدوات. لكن الضابط الحقيقي في الداخل. هنا تظهر عبقرية لفظة ''النفاق'' التي تختصر معضلة البشرية ـ ليس في الدين فحسب بل في كل المعاملات،... إنها تعيدك إلى تلك الصيغة العبثية الغريبة: تحميل الأحذية أخطاء الأقدام. ابدأ بنفسك كي يتغير من حولك.

الاثنين، 18 أبريل 2011

نصوص في البكاء و...أشياء أخرى


نخلة صغيرة *



أشتاق
فـ ألثم الصورة
و... ألتمس السلوى
لـ قلبي الموجوع


أراك في ضحكة طفل

لا يعلم أنه منذور للسماء



أنا يا حبيبتي

أضحك في وجوه الناس
وقلبي يئن 
لأنه لا يعرف 
أن أوان الرحيل
عنوانه : لا إياب
غياب..يتلوه غياب
فـ ألثم الصورة



ولا أحكي لهم عنك

فهم مشغولون 
هم طيبون يا صغيرتي
لكنهم لم يعرفوك مثلي
وإن لامسوا حزني
يقولون : غدا ينسى
ولا أنسى



يغيب عام

ولا أنسى
يطل عام
ولا أنسى



وهم طيبون

طيبون
يقولون : ألا تنسى؟!!
فـ أحلم أنك معي
أعيشك ضحكة دائمة
أراها 
ولا أرى قاتلك المجنون
لأنني
لا أرى سوى موتك
وأصبر..
لأجلك
ولا أصفح
لا أقدر
رغم أنني 
غسلت روحي
بسماحة "طاغور"
وملأت قلبي
بصبر أيوب
ولم أقدر
ولن أقدر
فـ ألثم الصورة
وأبحث عن السلوى




*لذكرى مرور عام على رحيل ابنتي لينا يرحمها الله، في اللغة: لينه النخلة الصغيرة، الطرية،... السريعة الإنكسار. لو علمت ـ حينها ـ أن هذا هو المعنى لتحاشيت اختيار هذا الاسم.


حبيبتي الأثيرة





حبيبتي الأثيرة
هذا المستحيل
يحدق بي


أنا لن أراك هنا

أو هناك
في غرفتك
في الصالة

لن أجلس إلى جوارك
أشاهد أفلام الكارتون
أو ألعب معك
وأفرح بهزيمتك لي


لن نتفاوض في الشتاء
عن آيسكريم "باسكن روبنز"
ولا عصفورتك الصغيرة
التي أخافك موتها كثيرا

لن نشاهد "هاري بوتر"
ولن نتقاسم وجبة الأطفال
فتحصلين على اللعبة
ولن تختاري لي أشيائي
ولن تأخذي مني نقودا
لتفاجئيني بهديه
كنت كبيره
كنت أثيره

ولا عن حكاية المساء: 
تعلمت أن أحكي لك
وأحيانا تطلبين المزيد
فأستدعي كل خيالاتي
أصوغ قصة تلو قصة
كنت غالبا 
تعيشين داخل الحكاية
تارة على شكل وردة
وتارة طفلة كما أنت
وأحيانا
أصوغك حلما 

ظننت أنني بمنأى 
عن فجيعة فقدك
ولم أكن أعلم
ولا أحد يعلم:
نحن يا أثيرتي
أوراق شجرة
خريفها لا موعد له
وما كنت أعلم
أن بعض الخريف
يحلّ في الربيع




اليوم
هزائمي لم تعد تعنيني
لا تفرحني
ولا تحزنني
وخيبات هذه الحياة
لا تعدلها خيبة غيابك
وكل شيء صار هباء
لا شيء يعوضني
عن بهجة
كان سرها : أنت

يقول صاحبي
غدك رغد
وتشرق ابتسامتي
أراها أراك
ويستطيل جرحي
ويهمس:
ما نفع البكاء؟
ولا أدري
أأبكي على حلمي،...
فجلّ أحلامي
ضحكت لها
وهي تغدو يباب!

أنا لم أعد أنا
فنصف قلبي ثوى
حملته على كتفي
وضعته في الثرى
أهلت التراب عليه
وما بقي 
سوف نصف قلب
يغترف الحزن
ولا يرتوي
يصيح بصمت
ويهذي:
يضيع في الأبجدية
لا شعر
لا نثر
بل محض : أنين


توق

لن يعلم أحد
أن التوق لا ينطفئ
لا أحد
لديه رغبة
في معرفة هذا

صاحبي
الذي يحبني في البعد
ويكرهني في القرب
لا يعرف أنني
لم أعد أتقن التوق
لشيء

ما عاد يغريني
أن أناكف خوفه
ولا عاد يغضبني
أنه يكذب علي دوما

أنا قررت أن أستريح
من الغضب
من التعب
من التوق
من العتب

ليتني أستطيع
أن أصوغ لك أغنية
تجعلك تنام
كي تستريح
أشعر أنك تحترق


أحاول أن أستجيب


حتما
هو حزن ورضى
يعتريني
فألتحف فضاء شاسعا
وأحتمل الصمت
فلا صوت أجمل
من الصمت
ولا لفظ أبسط من :
أحبك يا صغيرتي

هناك
حيث لا أحد
ولا صدى
تجيئين
تتأملين جلستي
تكادين تسألين
ولكن صوتك يغيب
أجيبك؟
لا أدري كيف أجيبك؟
ولكنني أهمس:
نعم

أحاول أن أستجيب
كل هذا الحب
لم يغب عني
أبتسم
أتكلم
أتعلم أن أعيشك
حتى وأنا مشغول معهم
تجلجل ضحكتك
فتغسل تعبي
وأستريح


ضوء
يا كل الضوء
والطهر
والفرح
والأمان
يا نور البيت

يا صوتي
ونبضي
وضحكي
ولعبي
وحناني
يا ابتسامتي الفارهه

ما زلت
لا أصدق
لا أريد أن أصدق
وأحسك معي
عيناك تتابعني
ترعاني
تهتف بي:
لا تتأخر
تهتف بي:
أنا أحبك أكثر
تهتف بي:
أنظر
رسمت صورتك
هل تعجبك؟

روحك لا تتقن
غير الحب
أميل على كراستك
الألوان الفاتحة
تعكس بياضا
لم يكن يدهشني

يا كل الضوء
ما زلت أحكيك
باسما
لأنك تحبينني هكذا

ما زال صوتك حيا
وأنت تحرضينني
أكتب لي
في "الأوتوجراف"
وأتردد
فلا أحد هناك
غير زميلاتك
ومعلماتك
"هذا لا يصلح"
لماذا
هذا دفتري أنا
أكتب " يا بابا"
وكتبت
عنك
وعني
وعنا
رضي الله عنك
برضاي
وسروري
كلما تملكتني الوحشة
فاستحضرت صورتك
لأتقوى بها
رضي الله عنك
بدعاء كل مسكين
كنت تستوقفينني
لأجله
وتمنحيه من مصروفك الضئيل

"فسوق" عبده خال غير المفهوم!!


أشك كثيرا أن عددا غير قليل من منتقدي "فسوق" عبده خال قد قرأوا ما كتبه الرجل، قبل أن يشرعوا سيوفهم من أغمادها؟

أشك أنهم، عرفوا عن أي "فسوق" كان الرجل يحكي، وعن أي شخوص كان يتحدث. بدا عبده خال في تلك الرواية، حاملا مبضعا يفتح من خلاله سلسلة من القضايا التي يعيشها المجتمع، من خلال حكاية شعبية، تأخذ شكلا بوليسيا، يحاول أن يتقاطع مع حادثة ما، تتحول من موت إلى "فضيحة". لكن هذه "الفضيحة" التي تمثل كرة الجليد، تنطلق لتكشف سلسلة من الفضائح التي لا تمس الأفراد فحسب، بل تطال أيضا مؤسسات المجتمع الذي يشارك في صنع النهايات الأصعب في كثير من القصص والحكايات.
أين أخطأ عبده خال في "فسوق"؟
هل أخطأ حينما رسم شخوصا إيجابية وسلبية في مجتمع الشرطة وفي مجتمع هيئة الأمر بالمعروف؟
أم أنه أخطأ حينما حاول تعرية المجتمع، ووضعه أمام خياراته المتناقضة، في كثير من المواقف؟ فهو ـ عندما يدين هذه الحالة أو تلك ـ سرعان ما تتغير قناعاته لمجرد شائعة، تتغلب على القناعة المتأرجحة أصلا؟
هوجم عبده خال بسبب "فسوق" كثيرا. وأكاد أجزم أنني قبل قراءتي لها، كنت متأثرا بقدر غير قليل من كتابات وقراءات غريبة، شاهدتها في الغالب في المنتديات. ولكنني بعد أن أتممت القراءة، تأكدت ـ وهذه ليست المرة الأولى عموما ـ أن هناك من يحكم دون أن يقرأ، وهناك من يجتزئ عبارات كي يصدر أحكاما جاهزة على هذا أو ذاك، وهذا ما حدث، وما سيحدث دوما مع الأسف.

الأحد، 17 أبريل 2011


الهويات القاتلة أيضا



طلب الدكتور مقبل الذكير مني في تعليق له على مقالة السبت الماضي مواصلة الحديث عن كتاب الهويات القاتلة الذي عرضت له عبر كلام عابر، ... ورأيي أن جمال أي كتاب أن تتم قراءته حتى لا يتم ابتسار أفكاره.
لكنني أجزم دون تحفظ على ضوء ما ورد في الكتاب أن كل دول العالم تعاني صراع الهويات وتدافعها داخليا وخارجيا. وأسهمت العولمة في خلط أوراق الهوية فأصبحت تضيق وتتسع. من هنا يمكن قراءة قضية الحجاب التي امتدت لتشمل كل أوروبا. وتباينت وجهات النظر نحوها، والأمر اللافت أن الكل يستخدم مفهوم الهوية من أجل الدفاع عن موقفه وعن وجهة نظره. وفي الوقت الذي يرى طرف أن القضية انتقلت لتأخذ منحى عنصريا رأى الطرف الآخر أن الأمر يندرج تحت الحفاظ على الهوية الأصلية.
هذه السيناريوهات تتكرر في كل منطقة من مناطق العالم. وينتج عنها ما يمكن تسميته المعايير المزدوجة.
ونحن كبشر لا نتقن شيئا أكثر من إتقاننا للمعايير المزدوجة التي تجعل الحقيقة مجزأة بين أطراف عدة وبالتالي كل إنسان يرويها على طريقته الخاصة، ويجتهد في وضع المسوغات لها بالشكل الذي يتصوره وفقا لمؤثرات كثيرة لا يمكن عزل المصالح عنها.
هنا يبدو أن أي كلام عن التسامي فوق العنصرية وفوق الهويات القاتلة التي أشار إليها أمين معلوف مجرد أمنيات نخوض فيها بشكل جميل، لكننا سنضبط أنفسنا ونحن نقع في الفخ الذي يعيدنا إلى المربع الأول،...هذا المربع يحلو لي أن أسميه: البحث عن معنى.

الهويات القاتلة 




الفرنسي من أصول لبنانية الروائي والكاتب أمين معلوف
تمنى الكاتب أمين معلوف الفرنسي من جذور لبنانية أن يكتشف حفيده بالصدفة كتابه ''الهويات القاتلة'' في مكتبة العائلة، فيقرأ بعض صفحاته ثم يعيده إلى الرف مندهشا من الحاجة إلى تناول مثل تلك القضايا.
يكتب المعلوف مؤلفاته بالفرنسية، وتتم ترجمتها فيما بعد إلى العربية. وغالبية الترجمات التي تتولاها نهلة بيضون سلسة ولغتها راقية جدا.
وأمين معلوف يكتب في الفكر ويكتب في الرواية والتاريخ. وتشغله قضايا العولمة والانتماءات والهويات التي توجد نوعا من التمايز القلق بين أكثرية غالبة وأقلية مغلوبة.
كتاب الهويات القاتلة يحاول أن يصوغ رؤية لما ينبغي أن يكون على صعيد التواصل الإنساني. وهو لا ينحاز في ذلك إلى طرف دون آخر، بل يمارس دور المهندس الماهر الذي يحاول ترتيب العالم وفقا للمأمول.
ويعترف أنه منذ هجرته إلى فرنسا في 1975 وهو يجيب كل من سأله إن كان يشعر أنه فرنسي أو لبناني بالقول: هذا وذاك. الكتاب يقدم مقارنات حول صراع الهويات الذي يختلط فيه الزمان والمكان والمناخات المختلفة.
وهذه الهويات تتباين وفقا للظروف فالانتماء الديني يختصر الهوية بكاملها عندما يشعر الناس أن إيمانهم مهدد. وينسحب الأمر على اللغة إذ تصبح هي الهوية إذا كان الخطر يحدق بها، وربما من أجل هوية اللغة، يخوض المرء قتالا مع من يرتبط معه بهوية الدين، كما هو حال الأتراك والأكراد الذين جمعهم الدين وفرقتهم اللغة. لكن أحيانا حتى اللغة والدين لا يتم التعامل معهما كهوية طاغية كما في حالة قبيلتي الهوتو والتوتسي.
الكتاب يطرح أسئلة صعبة تخصنا كعرب ومسلمين، سواء في دول المهجر أو حتى في العالم العربي ولكن المساحة لا تتسع لمزيد من الكلام.

السبت، 2 أبريل 2011

مطلوب ثلاثة نفر سعودي على الهواء هذا الأسبوع


العرب يفرطون في ظلم السعوديين كثيرا، خاصة عندما يحاولون تصدير الآراء عبر فضائياتهم باعتبار أنها تمثل وجهة النظر المحلية تجاه القضايا. وهذا يعكس استسهالا أو استغفالا ـ سيان. ولا شك أن لسان حال كثير ممن يقيض لهم أن يتابعو شأنا محليا عبر فضائيات عربية أن يرددو مع طرفة ابن العبد:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على النفس من وقع الحسام المهند

داهمني السؤال بالأمس، وأنا أتابع أحد البرامج التلفزيونية، فشاهدت شخصا يظهر في كل زمان وفي كل مكان. وكأن لا أحد سواه يمكنه الحديث والكلام.
هو يتحدث عن ارتفاع أسعار البطاطس في قناة الإخبارية، ويتحدث عن الأوضاع السياسية في قناة العالم، ويتحدث عن التاريخ في قناة المستقلة، ويتحدث عن قيادة المرأة للسيارة في قناة إل بي سي. ويتحدث عن الإصلاح في البي بي سي. ويتحدث عن تخصيص الأندية الرياضية في الجزيرة...إلخ.
أحيانا أتصور أنه من كثرة شهوته للحديث، يتكلم وهو نائم.
 هو لا يصمت أبدا.
 ولذلك يبدو كل ما يقوله عبارة عن تخاريف.
هذا الشخص الذي أشقانا بكلامه وثرثرته ليس واحدا، بل هم مجموعة بعدد أصابع اليد الواحدة. تراهم رجال العصر والمغرب والعشاء والفجر. أو هكذا يزعمون.
وفي ظل صناعة الإعلام المعلب، لم يعد هناك من يصنع فكرا، بل هناك شيء أقرب ما يكون إلى الطلب الجاهز، الذي تلبيه شركات يعمل فيها أناس لا يعرفون أحدا، وجل ما يفعلونه هو الاحتفاظ في أجندة تلفوناتهم بخمسة أرقام، مع ملاحظة باردة: متحدث بتاع كله.
هناك أناس بارعون للغاية، ويمثلون واجهات، لكنهم لا يمارسون الرقص في كل منبر، وفي كل حين.
صاحب الرؤية، لا يورط نفسه في فخ الإعلام المزنوق بحثا عن ضيف، وإنما يخطط متى وكيف يظهر؟
هذا الأمر لا يتم العمل عليه لدينا بشكل جيد. وشركات العلاقات العامة التي تتعامل مع الفضائيات، اختارت الفعل الكمي، هي تتفق مع الفضائيات على طريقة: ثلاثة نفر سعودي في الأسبوع.