الأحد، 17 نوفمبر 2013

هل تتعارض الوطنية مع التذكير بمراعاة حقوق الإنسان في التعامل مع المخالفين؟

كثير من المحترمين، الذين يستهجنون المطالبة باحترام إنسانية المخالفين، ينظرون للمسألة بشكل فيه خلط. ويسخرون من دعوات مشروعة ضد بعض الممارسات التي صدرت من مراهقين وشباب آخرين، رغم أنهم قلة لكن فديوهاتهم وتعليقاتهم وتصرفاتهم شوهت جهود رجال الأمن، وأساءت لنا جميعا.
لقد جاء الحصاد سريعا، عبر حملة مضادة، استفادت من هذه الفديوهات، من أجل تصوير موضوع المخالفين على غير صورته الحقيقية.
مثل هذا النوع من الخطاب الغوغائي، قد تتقبله من إنسان بسيط، لكن عندما يصدر من أكاديمي أو مثقف أو عضو في مجلس الشورى يصبح الأمر مختلف تماما. 
إن مجرد تسويغ التجرد من حقوق الإنسان في التعامل مع المخطئ، هو خطاب كارثي، لا تعترف به المؤسسات الرسمية، ولا ينبغي أن يتبناه من يتخاطب مع الرأي العام ويوجهه.
لقد كانت الصور البائسة التي يتباهى من خلالها بعض الغلمان عن (تحرير منفوحة) كما كان يردد أحد الأغبياء، أو اقتحام منزل أحد المخالفين وإخراجه من قبل بعض العوام، أو الصراخ والنفير عند اكتشاف نقود في أحد المنازل - كما أظهرتها بعض الفديوهات - ... كل هذه الصور البائسة لا يمكن غض النظر عنها بدعوى الوطنية.
وحتى يتسق الخطاب الإنساني مع الخطاب الوطني، لا بد من خطط لا يتعاطى معها العوام، تبادر بها الجهات الأمنية، تتضمن القبض على المخالف ونقله إلى مركز إيواء المخالفين وسرعة ترحيله.
لقد خسرنا كثيرا بسبب بضعة فديوهات، وسوف تستمر خساراتنا إذا استمر بعض مثقفينا في تبني خطاب تبريري، مع اتهام من يطالب بترك مسألة التعامل مع المخالفين واستيقافهم للأجهزة المعنية بالطرح المثالي.
إن أبرز نتيجة لمثل هذا الخطاب التبريري؛ أن يختلط الحابل بالنابل، في ممارسات فوضوية، نتائجها يمكن أن تقوض مشروع الخلاص من المخالفين بشكل منظم، وعبر مدى زمني معروف، وسبق أن تم الإعلان عن خطوطه الرئيسية التي تتكئ على استراتيجية تنظم حملات تفتيش مكثفة على مدار عام كامل.
ليس من الضروري أن يتم تنفيذ الغزوات على الشوارع بهذه الطريقة الشعبوية. المطلوب فقط أن يتم إحكام الرقابة على عملية توظيف هؤلاء المخالفين. عندما لا يجد المخالف فرصة عمل واحدة، ولا إشارة مرور يمكنه أن يقف أمامها لممارسة التسول، سوف يبحث هو عن أول وسيلة للمغادرة.
هذا يتطلب أيضا أن تمنح وزارة العمل تأشيرات لمن يحتاج؛ مع تغليظ العقاب عليه إن ثبت أنه جلب أكثر مما يحتاج ليستثمره من خلال تشغيله لهم عند آخرين.
 إن تحميل وزارة الداخلية وحدها عبء مكافحة المخالفين يمثل جزء من العلاج. ولكن لا يمكن أن يكتمل هذا العلاج أو ينجح ما لم تواكبها نظرة ذات أفق ورؤية أوسع من وزارة العمل ومن المواطن أيضا.
وحتى يتحقق كل هذا، على المواطن أن لا يتدخل بيده في ملاحقة المخالفين، هذا ليس عمله. وليكتفي بالإبلاغ عن المخالفات فقط. 
أما من يلومون سفير إثيوبيا عقب لقائه مع عبد الله المديفر عبر روتانا خليجية، لأنه تهرب عن الإعتذار المباشر  - رغم إدانته لها - فليتذكروا أن البعض أعطاه المبرر من خلال فديوهات رديئة تم الترويج لها، واستفاد منها كل الذين تأذوا من حملة التصحيح، ومن هؤلاء إلى جانب المخالفين، تجار تأشيرات وشركات مقاولات ونظافة عملاقة كانت تجد في هذه العمالة وسيلة للتكسب والثراء الفاحش. 
مطالبة بعض الزملاء بطرد السفير، لا تعدو عن كونها موجة عاطفية، عانينا من مثلها في فترة سابقة في مصر. والأجدى من هذا الخطاب الشعبوي أن تستمر حملة ملاحقة المخالفين بهدوء ودأب عبر الجهات المعنية فقط.

ليست هناك تعليقات: