الاثنين، 12 ديسمبر 2011

فن الحياة



كثيرون لا يتمتعون بالحياة بالشكل المتاح.  هم يفضلون دوما أن يعيشوا حالة من التنغيص والنكد الذي لا ينتهي. وهذه حالة إنسانية لافتة عند البعض.

ولو حاولنا إعمال العقل والمنطق وطرحنا السؤال مجردا من أي مقدمات: هل يوجد إنسان سوي يرتضي تعذيب نفسه؟ لكانت الإجابة البدهية هي: لا.



إذن ما الذي يدفع المرء ليخوض حروبا مجانية من أجل نشر الكراهية؟ أليس من الأولى أن يوفر الإنسان طاقاته من أجل إشاعة السلام والمودة؟



إن متعة الحياة، تتمثل بكل بساطة في نقاء السريرة والتسامي عن الحقد والضغينة. وهي حتما الوسيلة التي تنتهي بهذا الجسر الصيني الذي يختصره المثل: الضمير الطيب خير وسادة.



عندما تتأمل في محيطك، سواء في البيت أو مكان العمل أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي، تجد أن حالة عدم الرضا عن فرد أو مؤسسة تحركها أحيانا دوافع شخصية لا موضوعية.



تستحق الحياة، بكل ما فيها ومن فيها، أن يتعلم الإنسان كيف يعيشها بسلام. الأمر يتطلب محاولة أن تتصالح مع الأشياء من حولك. حتى تلك الأشياء التي قد لا تعجبك عليك أن تتصالح معها، لأنها تعجب سواك.



إن تغليف عواطفنا ومشاعرنا وآرائنا السلبية أحيانا بغلاف ثقافي أو اجتماعي أو وطني، قد لا يكون بالضرورة صادقا وحقيقيا، إذ إنه يعكس حالة فصام نكد بين راحة الروح وعذابها، بين سلام النفس وتعذيبها.

الاثنين، 5 ديسمبر 2011

وسطية الفرد





عندما يصوغ الإنسان مفرداته بشكل متزن، ينأى بنفسه عن الوقوع في محظورات الكلام غير المنطقي. لا جدال أن النقد من طبائع البشر، والإنصات لهذا الانتقاد فن ينبغي أن يتقنه كل الناس، لكن من الضروري أن تتم صياغة هذا النقد بشكل لا يتضمن جورا على الآخر ولا ازدراء أو تحقيرا له.
هذه المعادلة تغيب في معظم حواراتنا. سواء كانت هذه الحوارات داخل الأسرة، أو في موقع من مواقع التواصل الاجتماعي، أو حتى من خلال الحوارات الإذاعية والتلفزيونية.
ليس سائغا أبدا، أن يخوض الإنسان حوارا مع شخص آخر وهو يتقمص دور القوي، بينما هذه القوة لا تعدو أن تكون غضبا متفجرا يتحول إلى كلمات غير متزنة، تجعل المتلقي يلمح المشكلة من أول كلمة.
لكننا ونحن ننتقد هذه الممارسات، لا ننأى بأنفسنا عنها، لأن الوسطية كمفهوم لا تعدو أن تكون شعارا تربويا يحفزنا ديننا الحنيف على الالتزام به، لكن تركيبتنا النفسية تتجاذبها استقطابات التطرف.
لقد تأذت مجتمعاتنا بشدة من خطابات التهييج، وحان الوقت لكل ذي عقل أن يراقب نفسه وأن يصوغ أسئلة مهمة حول مدى اتساق عدالة ما يطالب به، باللغة الجائرة التي يستخدمها. كثير من الحقوق تضيع، لأن اللسان أحيانا يقذف عبارات تجعل صاحب الحق مدانا.
المساحة الأرحب التي يشيعها الحوار المصحوب بحسن الظن، تنشر سماحة ونبلا تحتاج إليه مجتمعاتنا دوما.

الخميس، 17 نوفمبر 2011

قصة كرات الثلج






بين الصورة وما وراء الصورة مسافة كبيرة. عندما تتأمل صور الطغاة الذين مروا على العالم، لا يمكنك أبدا أن تستشف من الصور أي ملمح يجعلك تتخيل أن خلف هاتين العينين مجرما. سواء كانت هذه الصورة تخص هتلر أو القذافي أو سواهما من الشخوص التي سارت عكس الريح وأوجدت لها مكانا على جثث الضحايا.
هذا الأمر حتما لا يمكن قصره على الطغاة الكبار. إذ حتى الطغاة الصغار، لا يمكنك أن تستشف من خلال نظرة إليهم أي شر يكتنزونه في دواخلهم.
وأحيانا، يحتضن الإنسان قاتله دون أن يدري. وقد لا تتوافر أي شروط موضوعية لحصول جريمة فردية، لكنها تحصل، وقد تموت امرأة بريئة على يد مدبرة المنزل التي تعمل لديها رغم أنها كانت تتعامل معها كابنة من بناتها.
إن ظهور المجرم، وهو يحضن أطفاله ويحنو عليهم، لا يعطيك سوى جزء من حزمة معقدة من الصور. وفي الطابع الإنساني البحت، تجد في النفس البشرية سلسلة تناقضات تبدو عصية على التصنيف باعتبارها وحدة واحدة. رجل البر والتقوى في مشهد ما، تراه في مشهد آخر شخصا بخيلا في حالة تناقض الصورة الأولى. والمفكر النابه الذي يقول كلاما يعجب الناس، تكتشف أنه في لحظة ما تحول إلى شخص يخالف كل ما يقوله دون أن يرف له جفن. والمعلم الذي يصوغ المفاهيم التربوية الجميلة يتحول في لحظة اختلاف مع تلميذه إلى شخص غاضب يكرر اللوم والعتب على تلميذه لأنه يعتبر أن طرح معلومة تخالف ما يقوله هو: قلة أدب. هذا المنطق الذي يتبناه المعلم، هو المنطق ذاته الذي كان يتبناه زعماء رحلوا جبرا، لأنهم لم يصدقوا أن طغيانهم قابل للتحدي. حتى فهم الإنسان للظلم يبدو مختلا، إذ إن الظلم بالنسبة لكثيرين هو ما يتعلق به شخصيا، أما ما سواه فشأن آخر تستوعبه عبارة قصيرة: لا يعنيني. هذه هي قصة كرة الثلج التي تتكرر دوما.

الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

أمية الخلاف



 نحتاج لإشاعة ثقافة الاختلاف، منذ مرحلة الطفولة: سواء في المنزل أو المدرسة. الطفل الذي يطرح رأيا مختلفا ليس شرطا أن يكون مشاكسا أو قليل أدب، إذ هو يحمل رأيا مستقلا من الضروري أن يتم التعامل معه وفقا لهذا السياق.
هذه التربية تؤسس لقيام مجتمعات رحبة، تتمتع بقدر على فهم الاختلاف باعتباره ثراء، لا خصومة تستدعي العداء.
إن أمية الخلاف والاختلاف تتغلغل في النفوس فتظهر من خلال تعبيرات صارخة وممارسة حادة من أجل الإقصاء، تتلبس بأشكال متعددة لكن منتجها النهائي لا يخرج عن السياقات العاطفية كما هو حال الطرح العنصري الذي يتدثر دوما بالفعل الجغرافي أو القبلي أو الأسري أو الشعوبي...إلخ.
اللافت في بعض مؤسساتنا التربوية والأكاديمية ـ مثلا ـ أن الصوت المختلف يدفع الثمن غاليا. فالمعلم أو المعلمة، في كثير من مجتمعاتنا العربية هو مصدر الحقيقة، وعلى الطلاب أن يفتحوا عقولهم وأدمغتهم للحقن الذاتي. أي محاولة لممارسة نوع من الاستقلال غير مرغوب فيها. وحتى إن أخطأ المعلم أو المعلمة، فليس مطلوب من المتلقي سواء كان طالبا أو طالبة سوى تجاهل هذا الخطأ حتى لا يدفع الثمن غاليا.
واحد من الزملاء المميزين في التفكير، اضطر إلى أن يقطع دراسته الجامعية، بعد أن تعرض لضغوط شديدة من أكاديميين ترصدوا له لأنه كان يناقشهم في بعض ما يطرحونه من أفكار. كانت الموجة أعلى منه.
توارت أسماء الذين وقفوا ضده، وأكمل الرجل طريقه بدون شهادة الجامعة، وأصدر مجموعة كتب ضمنها أفكاره التي لقيت صدى واسعا. كان يفكر باستقلالية جعلته يقرأ الصورة بعيدا عن وصاية الأكاديمي...المستبد برأيه أحيانا.

الاثنين، 24 أكتوبر 2011

سلطان ... السبق الأول

قبل ما يزيد على 20 عاما، كنت طالبا في الصفوف الجامعية الأولى في قسم الإعلام. كنت حينها أتعاون مع صحيفة المسائية التي كان يرأس تحريرها الأستاذ عبد العزيز العيسى عضو مجلس الشورى الحالي. في لحظة ما، وجدت نفسي مع الصديق عبد الرحمن العبد القادر عضوين صغيرين في اللجنة الإعلامية ضمن مجموعة من الطلاب في مؤتمر حول تاريخ الملك عبد العزيز. اتفقت والزميل عبد الرحمن أن نخوض تجربة إجراء حوار مع الأمير سلطان -يرحمه الله - باعتباره من أبناء المؤسس. امتطينا سيارتنا واتجهنا إلى مقر وزارة الدفاع والطيران. دلفنا من البوابة. كان منظرنا كشابين ضئيلين لافتا.


وصلنا إلى مكتب الأمير سلطان، واستقبلنا حينها مسؤول في مكتبه. جلس معنا وأنصت بهدوء، ثم اعتذر عن عدم وجود فرصة للقاء بالأمير وقتها، إذ إنه في مهمة خارجية، لكنه طلب منا بكل جدية كتابة الأسئلة التي نريد طرحها على الأمير. أحضر لنا الأوراق والقلم وكتبنا أسئلتنا للأمير.
عندما خرجنا من المبنى، كنا على يقين أن مهمتنا ستنجح. بعد بضعة أيام، عاد الأمير سلطان إلى الرياض، وفوجئت وأنا في قاعة المحاضرات بمسؤول في الكلية يأتي مندفعا ويطلبني والأخ عبد الرحمن ويسألنا: ماذا فعلتم؟ جاءني اتصال من وزارة الدفاع يطلب حضوركما فورا؟
وقتها لم يكن عصر البيجر والجوال قد أضاء العالم. واتجهنا إلى الوزارة. حيث كنا والأخ عبد الرحمن على وعد مع السبق الأول في حياتنا.
في الصحيفة، التقانا رئيس التحرير في صالة التحرير، كان يجري اللمسات الأخيرة على الصفحة الأولى التي تصدر طبعتها الأولى الثانية عشرة ظهرا. التفت إلينا وهو يسأل سؤاله المعتاد بهدوء: ماذا لديكم؟ كان الجواب: أجرينا حوارا مع سلطان بن عبد العزيز. توقفت عجلة الطباعة، انتظارا للخبر الذي سيحمل اسم الزميل عبد الرحمن العبد القادر واسمي.
كانت لمسة إنسانية لطيفة من الأمير الإنسان الذي رأى في هذين الشابين الضئيلي الجسم شيئا ما فمنحهما السبق الأول في حياتهما. لم يصدق كثير من الزملاء وقتها أن حوارنا مع الأمير سلطان تم بهذه البساطة.
رحم الله الأمير سلطان بن عبد العزيز وأسكنه فسيح جناته

الأحد، 2 أكتوبر 2011

تفاصيل مبادرة تبادل الكتب عبر كوكب تويتر

بدأت اليوم إنعاش مبادرة عبر تويتر. أساس المبادرة كانت حديثا في المقهى مع الأستاذ عبد الله الحريري المدير التنفيذي للشؤون الإعلامية في موبايلي، وتتمحور الفكرة حول إيجاد منفذ لتدوير الكتب. قلت لعبد الله، لا أتذكر أنني قرأت كتابا ثم عدت إليه. وأكد هو لي هذه المعلومة. وقد تذكرت حديثنا هذا وأنا أتصفح صحيفة الرياض (2/11/2011) التي كانت تعرض تقريرا حول تجربة كندية تتعلق بصندوق مخصص لتبادل الكتب، وكانت الصحيفة تشير في ثنايا الموضوع عن أن الفكرة أسهمت في تعزيز العلاقات بين أهل الحي. ولأن تويتر ـ كوكب ـ يشبه الحي، ويتلاقى ويتحدث من خلاله الناس بشكل أسرع مما لو التقو في كوفي شوب ، فقد طرحت من خلال هذا الهاش تاق #egra مبادرة لتبادل الكتب بين أعضاء كوكب تويتر في السعودية. هذه الخطوة قابلة للتطوير فيما بعد، وربما أهل كل مدينة أو دولة يكون لهم مبادرتهم. أدرك أن ثمة مبادرات متعددة من خلال المنتديات، ومن خلال الفيس بوك، ولكنني أتمنى أيضا أن يتم تفعيل مبادرة تبادل الكتب عبر تويتر، وأعني بهذه الكتب النسخ الورقية والإلكترونية أيضا. حاليا قد يكون من المجدي أن تنطلق المبادرة بشكل فردي على أن تتبلور فيما بعد بشكل أكثر تنظيما. دعواتي بأن تتحقق من خلال هذه المبادرة أهدافنا في تحقيق هذا التبادل المعرفي الثري. 

السبت، 1 أكتوبر 2011

عزيزي غاندي


غاندي بريشة الروسي أليكسي بكورباتوف 


عزيزي غاندي: أكتب لك من العالم الآخر. أريد أن أقول لك إن الأشياء الصعبة تتحقق بالإصرار، ولكن يا غاندي، لقد بذلت جهدا خارقا من أجل أن يتحقق للهند استقلالها، وهاهو البلد ينمو.
 صحيح أن هناك نتوءات كثيرة هنا وهناك. في بلد تتمدد فيه الأرواح. أرواح البشر وأرواح المخلوقات الأخرى. وتتزايد فيها الأفكار والأديان.
هنا حيث تختلط رائحةالأجساد المشوية، بروائح خشب الصندل والعطور. هل اكتشفت أن ما حاربت من أجله كان يستحق؟
 هل تبدو الهند اليوم أفضل منها بالأمس؟
الهند التي لا ينافسها في عدد السكان سوى جارتها الصين. هل ما زال صوتك ملهما في الهند وفي غيرها؟ أم أن هذا الصوت كاد يتلاشى. 
إن مصدر الإلهام يا غاندي، ليس في ثورة الملح التي صغت ملامحها، بل في نجاح عملية البحث عن الذات، رغم كل محاولات التذويب والتشتيت.
هذا الحضور للذات، أعطى زخما كبيرا لمجد البلاد التي لم تتأثر قطيعتها للمستعمر بالأخذ بخيارات الديموقراطية.
صحيح أن الناس كانو ولا زالو فقراء، لكنهم أيضا كانو ولا يزالون أحرارا. هي حرية منقوصة كما يقول البعض، فالطبقية ضاربة، والفقر طاغ، والأرض تكتض بالبشر والبقر، ولكن هذه  الثنائية ليست الملمح الوحيد الباقي في الهند، هناك الكثير الذي تلمحه عينيك هناك.
إن عالمنا الآخر، وهو يتواصل مع بوابة الهند، يغيب عنه تفاصيل هذا الإرث الذي يمتد آلاف السينين، بل حتى صورتك ووجهك ونهجك لا يحضر أبدا.
كل ما تعرفه الأجيال الجديدة في العالم العربي تتعلق بالسائق والخادمة الهنديين. بينما الحلم الأمريكي يواصل تألقه بالأيدي والعقول الهندية الماهرة التي أعطت للتقنية الكثير من العطاء.
 لكن خطيئة الهند أن صورتها في العالم العربي لا تتجاوز حدود السائق والخادمة، ... وأحيانا لا تتجاوز لدى البعض فيلم: غاندي.

الخميس، 29 سبتمبر 2011

ورشة عمل إلكترونية من أجل قضية عبد الرحمن العطوي

التوافق على عدالة قضية الأسير السعودي في إسرائيل عبد الرحمن العطوي لدى الرأي العام المحلي، دفع إلى الدعوة لعمل فيلم من خلال اليوتيوب لمخاطبة الرأي العام العلمي بشأن قضية عبد الرحمن العطوي.
هذا الأمر أفضى إلى نقاش إلكتروني، من أجل تحفيز مجموعة من الشباب بهدف تبني هذه الفكرة، باعتبارها تمثل نافذة تخدم الجهود الرسمية التي أشرت إلى بعض جوانبها في التغريدة السابقة.
ظهر من خلال هذه النقاشات أصوات مقتنعة بوجاهة الفكرة. كان على رأس هؤالاء المخرج أشرف حلواني.
فكرة الفيلم بسيطة للغاية، هي تتناول قصة إنسان، تم القبض عليه داخل حدود بلد، ومحاكمته والحكم عليه بالسجن، ثم تم الإفراج عنه، لكن هذا البلد يرفض إطلاق سراحه متحججا بأسباب واهية.
ليس المطلوب من فيلم عبد الرحمن العطوي أن يقول أكثر من ذلك، ولا من أهدافه أن يلوم هذا أو ذاك، ولا أن يستحضر عداوات.
هو فقط يود أن يلامس الجانب العادل بالمسألة، ويطرح تساؤلات منطقية: طالما أن عبد الرحمن العطوي أكمل مدة سجنه، لماذا تصر إسرائيل على اعتقاله.
اليوم سوف تبدأ الخطوات المأمولة من أجل إعطاء فكرة الفيلم دفعة قوية. من المهم برأيي أن لا تتجاوز مدة هذا الفيلم 3 دقائق إلى 5 دقائق فقط. 
هذه التدوينة والتدوينات السابقة واللاحقة، تحاول أن تقدم تجميعا للأفكار، حتى لا تضيع وسط التغريدات على تويتر.
قائمة المغردين الذين ساندو هذا التوجه وأثروه بأفكارهم طويلة للغاية. فلهم الشكر...حتى ظهور الفيلم. ولهم الشكر...حتى عودة عبد الرحمن العطوي. 


هنا تجدون تدوينات إضافية حول القضية:


قضية الأسير السعودي عبد الرحمن العطوي 1

قضية الأسير السعودي عبد الرحمن العطوي 2

الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

السفير أسامة نقلي يتحدث عن الجهود المبذولة لإطلاق سراح الأسير السعودي عبد الرحمن العطوي





يقدم الأستاذ أسامة نقلي نفسه على تويتر بأنه دبلوماسي بدرجة سفير ورئيس الدائرة الإعلامية وهنا بصفتي الشخصية ، أعبر عن آرائي الخاصة جدا التي لاتتحمل وزرها حكومتي أو وزارة الخارجية.
وهذا التعريف هام جدا، حتى يمكن للمرء من التحليق في فضاء تويتر، وهو ما يفعله كثيرون من المسؤولين الرسميين ومن بسطاء الناس.
لكنني البارحة أثرت موضوع الأسير السعودي عبد الرحمن العطوي، وقد تم فتح هاش تاق على تويتر لهذا الغرض أدلى عدد من المتعاطفين مع العطوي بآرائهم بشأنها. كانت الآراء ثرية ومتعاطفة. وكانت الأسئلة التي طرحتها في التدوينة السابقة لهذه التدوينة تتردد. وتلطف الزملاء في صحيفة أنحاء الإلكترونية بنقل جزء من هذا النقاش. وأعدت بدوري نشر التدوينة السابقة من خلال صحيفة الإقتصادية تحت نفس العنوان: عبد الرحمن العطوي.
في خمس تويتات حول القضية، شارك المواطن السفير أسامة نقلي بتغريدات حول هذا الموضوع، حاول من خلالها إضاءة جانب من قصة عبد الرحمن العطوي. هذه التويتات خلاصتها أن السعودي عبد الرحمن العطوي ليس منسيا ولا مهملا، وأن هناك جهود لاستعادته من خلال وسطاء وأن الهدف من هذه الجهود ليس إعلاميا وبالتالي فإن تفاصيل هذه الجهود موضوعة في تصرف أسرة العطوي التي هي على اطلاع كامل بتفاصيل الموضوع.
هذه التغريدات جاءت حاملة في ثناياها رسالة تطمينية للرأي العام الذي كان يسأل عن العطوي الذي قالت إسرائيل منذ بضعة أشهر إنها أطلقت سراحه، لكنها أحالته للعمل سخرة في أحد المزارع لعدم قناعتها ـ على حد زعمها ـ بأنه دخل الحدود بالخطأ بعد أن تاه طريقه في سيناء.
أعوام عدة مرت على اعتقال عبد الرحمن العطوي، وما زال الأمل يحدو الجميع بأن يعود إلى وطنه ويلتئم شمله بأسرته، ويلتقي بابنته التي تحمل اسم : رحيل، والتي كبرت ووالدها رهين الأسر.
حمل ملف عبد الرحمن العطوي إلى المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية وعدد من الدول الصديقة التي لها ارتباطات مع إسرائيل ستساعد حتما في فك الأسير.
كما أن وجود صوت إعلامي دائم بكل لغات العالم هو رقة هامة لتعرية الكيان المحتل الذي لا يتوانى يوما بعد آخر عن التفاخر بإهدار كرامة الإنسان.
مما أكد عليه السفير أسامة نقلي في أربع تغريدات ما يلي:
١. اسرة العطوي متابعة تماما لكافة جهود الخارجية القائمة لإطلاق سراحة عبر الدول والمنظمات الإنسانية، وهي مستمرة.
٢. المفاوضات تجري عبر المنظمات الإنسانية الدولية والدول التي لها علاقة باسرائيل ، ورغم مماطلتها إلا انها مستمرة.
٣. القضية تمس خصوصية مواطن ، ومن حق اسرته فقط الاطلاع على كافة التفاصيل، وحفاظا على عدم ارباك الجهود.
٤. الخارجية لاتسعى إلى تحقيق سبق إعلامي بل واجبها خدمة المواطن والحفاظ على خصوصيته.
هذا أبرز ما ذكره السفير نقلي في تغريداته على تويتر، وهي كلمات هامة، وأتمنى أن نحتفي قريبا بعودة عبد الرحمن العطوي بالعودة إلى وطنه.


مزيد من التفاصيل حول قضية عبد الرحمن العطوي



الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

حكاية عبد الرحمن العطوي



عبد الرحمن العطوي مواطن سعودي تاه وهو على الحدود المصرية ودخل بالخطأ إلى إسرائيل. المحكمة حكمت عليه بالسجن ثلاثة أشهر، لكن الحكم ظل يتمدد ويتغير. ثم قيل إن إسرائيل أطلقت سراحه، ونقلته للعمل الجبري في مزارع هناك، حيث لم تر أي مبرر لإطلاق سراحه لأسباب تحتفظ بها لنفسه.
هذا هو سياق الحكاية كما نشرتها صحافتنا وصحف عربية أخرى قبل بضعة اشهر. ومنذ ذلك الحين، توارت أخبار العطوي عن المشهد الإعلامي. ولكن قضيته ما تفتأ تفتح من آن لآخر من خلال مواقع التواصل الإجتماعي.
بالأمس دار حديث حول قضية عبد الرحمن العطوي، وكانت هناك تساؤلات وأفكار حول الطريقة المثلى لاستعادته. هناك دول صديقة وبينها دول عربية لها علاقة ممتازة مع إسرائيل، وباستطاعتها أن تساعد في استعادته. الصليب الأحمر أتاح للسعودي العطوي التواصل مع أسرته، وكان له دور مؤثر في دعمه. وكذلك فعل بعض المحامون من عرب 48.
اللافت في موضوع العطوي، أن قضيته عادلة، فهو خضع للمحاكمة وصدر عليه حكم، ثم صدر عليه حكم آخر مدد فترة سجنه. ثم حصل على إطلاق سراح، لكن تم نقله لمزارع إسرائيلية للعمل سخرة هناك، فهم يرون لأسباب غير واضحة أن من الضروري بقاءه هناك.
مثل هذا الإبتزاز، يستوجب إثارة موضوع العطوي على كل الأصعدة، سواء من خلال الدول الصديقة أو حتى من خلال هيئات ومنظمات حقوق الإنسان الدولية. 


مزيد من التفاصيل حول قضية عبد الرحمن العطوي

السبت، 24 سبتمبر 2011

مثل قطرة ماء...أو يزيد



في الزوايا النائية
ثمة مطر
يغسل العين
فيلتمع الضوء
ولكنك
لن ترى شيئا
فملح الماء
يتراقص في سراب
الأشياء
يهمي
بلا صوت
ولا رعد
يصوغ عذابات روح
وشقاء
ما لون الماء؟
لا لون
كذلك هذا الحزن
يمخر بحر النفس
لا لون
لا طعم
كـ قطرة ماء
أو يزيد

الخميس، 22 سبتمبر 2011

هذيان صباحي...على تويتر

هذيان صباحي ( 1 من 5) : نحن لا نحب من يقول لنا: الحقيقة. نختلق ألف سبب وسبب لنكرهه. لأننا لا نريد الحقيقة... الواقع هو ما نرتضيه

هذيان صباحي ( 2 من 5): ضحايا الحقيقة أحيانا تتفاقم أمورهم، وتصبح سيئة للغاية، وتتم تسميتهم في بعض الحالات : أعداء ... الوطن

هذيان صباحي ( 3 من 5): في كل الحالات، غالبا أنت تجد أن هناك كاتب تقرير سيء، وقارئ تقرير سيء، وحق يتم هدره بدم بارد

هذيان صباحي ( 4من 5) : التعود على الرؤية بعين واحد، والتفكير بجهة واحدة من جهات العقل، تجعل الحقيقة تعيش حالة تضاد مع الجور

هذيان صباحي ( 5من 5) : في المجتمعات الراقية. الحكمة ـ الحقيقة ـ هي ملاذ الأسوياء، وهذه الحكمة ليس شرطا أن يكون مصدرها من نحب

الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

مدونة خالد السهيل: فضاء الإعلام...مازال بحاجة للطاقات المهاجرة

مدونة خالد السهيل: فضاء الإعلام...مازال بحاجة للطاقات المهاجرة: وضعت على تويتر سلسلة من الأحلام. وتباين التفاعل معها، البعض اعتبر أنها أحلام، والبعض تعامل معها باعتبارها نبوءات. أنا أعتقد أن إعلامنا المحل...

فضاء الإعلام...مازال بحاجة للطاقات المهاجرة

وضعت على تويتر سلسلة من الأحلام. وتباين التفاعل معها، البعض اعتبر أنها أحلام، والبعض تعامل معها باعتبارها نبوءات. أنا أعتقد أن إعلامنا المحلي بحاجة إلى طاقات كثيرة موجودة في الخارج، بعض هذه الأسماء أوردتها في التغريدات، ثم تذكرت لاحقا أسماء أخرى، لكن القصد هنا ليس تقديم إحصاء بهذه الطاقات، بقدر ما هو الأمل في أن تستقطب قنواتنا الإعلامية الفضائية وإعلامنا المقروء هذه الأسماء ... فهي تستحق. 

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

العرب : تفاؤل أم إحباط؟


أسوأ شيء تواجهه أمة من الأمم، الإحساس بالإحباط. هذا الإحساس إن تسلل إلى أرواح الشباب، يغدو مادة مقيتة، يمكنها أن تتسبب في سلسلة مشكلات لن يستطيع أي مركز للدراسات أن يتوقعها. لأن شعور الإحباط يشبه مرض السرطان، الذي يفري الجسد في البداية بصمت، ثم سرعان ما تتمدد أوجاعه حتى تهدد الجسد بأكمله.
من يصنعون الإحباط، ليسو بالضرورة عملاء، هم مخلصون، لكن إخلاصهم أيضا، يشبه أن تعطي لمريض السرطان وصفة طبية لا علاقة لها بالمرض. هذه الوصفة تصلح كعلاج لأي شيء، لكنها لا تصلح لمعالجة السرطان.
كانت ولا تزال الحالة العربية، مادة خصبة لتأمل مظاهر الإحباط ونتائجه. لقد خرجت دول عربية من إحباطها إلى الشوارع، بعضها حقق التغيير وبعضها ما زال ينتظر.
لكن داء الإحباط لم ينته حتى مع حصول التغيير، لأن الورم السرطاني تمدد في كل الزوايا، وأحال المساحات التي كان من الممكن أن تفيض بالأمل إلى محاضن للإحباط.
والحقيقة أن الصورة العربية، رغم أن كثيرين يصفقون لها، لا يبدو أن فيها ما يغري للتصفيق. لا تزال الأمور غامضة. لا يزال الغضب مستمرا. ولا يزال الإحباط يتأجج. في نهاية النفق ـ يقول متفائلون ـ هناك ضوء. لكن لا أحد يريد أن يقول لأبناء دول الربيع العربي متى يأتي الضوء؟ أو كيف يأتي؟
الخلافات تتأجج، حول أي شيء، وحول كل شيء، ويبقى الإنسان العربي المحبط ينتظر وعود المن والسلوى، لكن عجلة الإنتاج تتوقف، والفقر يزداد. ولكنه ـ العربي ـ ما زال يتلمس وسط كل هذا شلالات الضوء في نهاية النفق. 

الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

العمالة المنزلية والحساسيات

كتبت أكثر من مرة حول بعض الاجتهادات غير المحسوبة من قبل لجنة الاستقدام في مجلس الغرف السعودية، والتي أحالت موضوع استقدام العمالة المنزلية إلى نوع من التصريحات التي لا تتحقق، بقدر ما تثير احتقانات لا طائل منها.
ولعل تصريح رئيس لجنة الاستقدام في مجلس الغرف التجارية سعد البداح الذي قال فيه إن المغربيات في طريقهن لمنازل السعوديين، نموذج من تلك التصريحات التي أثارت ضجيجا ليس داخل المجتمع ولكنها امتدت إلى الخارج.
لقد قرأ الناس التصريحات باعتبارها مسألة فيها نوع من الإهانة لأحد البلدان الشقيقة. والحقيقة أنه بعيدا عن هذا الأمر، فإننا لو استعرضنا التصريحات الصادرة سنجد أن لجنة الاستقدام تنام وتصحو لتقدم كل يوم عروضا وهمية بدءا من بعض جمهوريات آسيا الوسطى مرورا بكمبوديا وفيتنام وانتهاء بالمغرب!
القاسم المشترك بين كل هذه الدول تعكس إبداعات لجنة الاستقدام من أجل توفير العمالة المنزلية، وكأن ما تبشرنا به اللجنة الموقرة هو استيراد سلع جديدة وليسوا بشرا.
وإذا تجاوزنا عن المسألة فيما يخص الدول البعيدة، لكننا فيما يخص الدول العربية تحديدا لا بد من مراعاة الحساسيات التي تثير الحفيظة فتتحول إلى نوع من التعبئة غير الجيدة للآخرين على مجتمعنا.
إن خيرات بلادنا تغمرنا وتغمر سوانا من الأشقاء، لكن بعض التصريحات غير المسؤولة تعصف بكل هذه الجهود لأنها لا تدرك هذه الحساسيات.

الأحد، 4 سبتمبر 2011

مدونة خالد السهيل: ويكليكس الإعلامية

مدونة خالد السهيل: ويكليكس الإعلامية: أثارت وثائق ويليكس هذا الأسبوع ضجيجا من نوع آخر، إذ أن الوثائق عرضت أسماء إعلاميين نسبت إليهم الوثائق آراء وأفكارا بدت عادية جدا، لكنها ال...

ويكليكس الإعلامية



أثارت وثائق ويليكس هذا الأسبوع ضجيجا من نوع آخر، إذ أن الوثائق عرضت أسماء إعلاميين نسبت إليهم الوثائق آراء وأفكارا بدت عادية جدا، لكنها الوثائق التي تفتح شهية الحديث والثرثرة، إذ يندر أن يمر يوم دون أن تتناول إحدى الصحف أو المحطات التلفزيونية وثيقة من تلك الوثائق التي تتناول هذا الحدث أو ذاك. وعقب نشر هذه الوئائق ثار نقاش حولها على تويتر، وبعض هذا النقاش شارك فيه بعض من وردت أسماؤهم في هذه الوثائق سواء بالنفي القاطع، أو بتقديم تبرير وتوضيح لما ورد في تلك الوثائق.
اللافت في قضية ويكليكس أن كل من يتواصل مع السفارة أو القتصلية هو عرضة للاستنطاق، وبالتالي فإنه سيتحول إلى مصدر للمعلومة. وإحدى الوثائق كشفت أيضا أن هناك من حاولت السفارة استنطاقه، لكنه رفض بشدة.
على هامش هذا الأمر، نشرت جريدة الحياة، قبل تسريب الوثائق نقلا عن وزارة الثقافة والإعلام توجيها يتضمن التأكيد على جميع الصحافيين بعدم تلبية الدعوات أو حضور اللقاءات والدورات التي تدعو إليها جهات أجنبية تعمل بالمملكة أو خارجها (1/9/2011) إلا بعد أخذ الموافقة على ذلك.
لكن تبقى قضية ويكلكس الإعلامية وأمثالها من القضايا التي كانت ولا تزال تلازم العمل الدبلوماسي في العالم أجمع. وكانت السفارات الأجنبية إبان حقبات التاريخ تتواصل مع وجوه المجتمعات لأهداف مختلفة. وصدرت كتب باللغة العربية تتحدث عن أدوار بعض السفارات في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي خاصة في مصر. وكانت تلك الكتب ترصد تعاظم أدوار هذه السفارات في حقبة الإستعمار، حتى أن تلك السفارات كانت محط استشارة في التعيينات التي كانت تجري في مصر في تلك الحقبة.
ومن المؤكد أن بعض السفارات كان لها دور في تدريب المتظاهرين في عدد من الدول، وكان التدريب يشمل حتى كيفية وقوفك أمام كاميرا التلفزيون أثناء التظاهر والتعابير التي ترتسم على وجهك. لكن يبدو أن تلك الحقائق تحتاج إلى زمن أطول حتى تتكشف بشكل دقيق.

الثلاثاء، 23 أغسطس 2011

الجنية بين بدر بن عبد المحسن وغازي القصيبي








وضع الدكتور غازي القصيبي من خلال ''الجنية'' نصا فتح الأسئلة الأسطورية حول شغف الجن بالإنس. وهي حكايات تتجاوز منحى التسلية إلى فتح هذا الملف الذي يستوطن المخيال الشعبي بشكل يقيني. عالج القصيبي الموضوع كعادته من خلال لغة سهلة وواضحة.
وفي نفس السياق تابع المشاهدون ''توق'' بدر بن عبد المحسن، التي تحدث عنها البدر طويلا، وتراوح الحديث عنها في أكثر من تصريح باعتبارها رواية أو مسرحية، لكنها ظهرت كمسلسلة تأخذ بعدا أعمق، فهو من خلال الجنية توق يعاود محاكاة التاريخ خلال الحقبة العثمانية وينتقل من خلال هذه الرواية بين الجزيرة العربية والشام.
وإذا كانت جنية بدر بن عبد المحسن قد اختارت سالم وهو طفل رضيع، وقررت أن يكون بالنسبة لها زوج المستقبل، فإن غازي القصيبي اختار لجنيته جغرافيا ومساحة أخرى هي المغرب. كان عليه أن يوجد مصادفة كي يلتقي من خلالها الطالب السعودي المبتعث إلى الخارج بالجنية خلال رحلته الجوية عائدا في إجازة.
اللافت في جنية غازي القصيبي وجنية بدر بن عبد المحسن، مساحة الشد والجذب التي استوطنت النصين. وهذه الأمر يمكن رصده في الواقع، إذ حتى العقلاء يستحضرون أحيانا حكايات الجنيات ولكنهم دوما يختمون أحاديثهم بالتأكيد على أن الأمر ليس أكثر من تخاريف وخيالات.
ما يميز ''توق'' أن النص يلمس بشكل لطيف، عددا من ملامح مرحلة تاريخية خصبة، ولعل هذا التناول من خلال نص محلي يكون نقطة بداية لصياغة تاريخنا من خلال مثل هذه الحكايات المشوقة.

الخميس، 11 أغسطس 2011

توفيق الحكيم وعودة الروح المصرية المتجددة


في الفصول الأخيرة من رواية عودة الروح، لتوفيق الحكيم التي أنجزها في باريس عام 1937، تظهر صورة من صور الثورة التي شهدتها مصر أخيرا. ربما تغيرت الشخوص لكن من المؤكد أن الصورة ذاتها والروح نفسها قد تلبست جيل  يناير.

شيء واحد كان ينقص الحدوتة التي أتقن توفيق الحكيم صياغتها، البطل أو الزعيم الذي يعيد صياغة آمال الناس. تواردت هذه الخواطر في ذهني وأنا أعيد قراءة الرواية، بعد أن نبهني الصديق الدكتور أنس الحجي خلال زيارة له للرياض مؤخرا إلى جوانب التشابه بين الثورتين، واستشهد بالرواية.
 
الرواية طويلة نوعا ما وهي من قسمين، وقد شعرت وأنا أقرأ فصول الرواية بارتياب في حكم الدكتور أنس، خاصة أنني أنهيت ثلاثة أرباع الرواية ـ بقسميها ـ ولم أجد خيطا يربط بين ثورة 25 يناير والرواية، لكنني في الفصول الأخيرة بدأت في التقاط المقارنة الصادقة. 
هو جيل عادت له الروح، التي كانت ولا تزال تتغلغل في الإنسان المصري منذ آلاف السنين، هذا ما تقوله الرواية.
إنه شيء يشبه السحر، ذلك الإندفاع الذي يحرك الناس، فيتحولون من حالة التصالح والتراضي مع النفس إلى حالة التلاقي عند هدف واحد يجد الناس أنفسهم مندفعين تجاهه بإصرار، يجعل الصورة تختلط على المراقب، فيخطئ القراءة، ويخطئ التفسير. أما أين ستتجه النهاية في الواقع لا فهي تبقى مفتوحة، كما هو حال رواية "عودة الروح" لتوفيق الحكيم.

الأربعاء، 10 أغسطس 2011

الوعي المغدور به

أحيانا يصبح الوعي مغدورا به، يتم تزويره وتزييفه، فيتشكل وعي جديد يقوم على مفاهيم خاطئة. والمؤسف أنه يتم فرض هذه المفاهيم وتسويقها باعتبارها تمثل الحق والحقيقة.
الوعي المغدور به، أفضى بنا إلى أن أصبح ثلة من أبنائنا، يتجهون صوب الغلو والتطرف بزعم أن هذا هو جوهر الدين الحقيقي. لقد تحول هؤلاء الأبناء إلى أدوات للقتل والتفجير باعتبار أن ريح الجنة لا تأتي إلا من هذا الباب. وهو وعي تم تسريبه في أذهانهم في غيبة للوعي الحقيقي الذي عرفه كبار السن من الآباء والأجداد فصاغهم الدين في سماحة وحب ورحابة وقبول للآخر.
الوعي المغدور به، أعطانا صورا مزيفة عن روح المواطنة الحقيقية، باعتبارها انحيازا للقريب وقريب الصديق، حتى تحولت منشآت ومؤسسات إلى قطاعات تتحكم فيها محسوبيات القرابة والنسب.
الوعي المغدور به، جعل البعض يطلق على الرجل الأمين أوصافا غير لائقة، فيما صار اللص من الشطار.
الوعي المغدور به، جعل أمثالا على غرار: إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب، تصوغ علاقات بعض البشر ببعضهم، فأصبحت الذئبوية عنوانا يتم من خلالها ممارسة الغش والكذب والتدليس باعتبار أنها أسلحة مشروعة في مسرح الحياة الذي صار أشبه بالغابة.
هذه نماذج بسيطة من الوعي المغدور به. وهذه النماذج سوغت للخطأ أن يصبح عرفا عند البعض. ثم بعد ذلك يأتي من يسأل محتارا: أين الخلل؟!!

الاثنين، 8 أغسطس 2011

غضبة العيال



في مصر، كان البعض يعبر عن تضجره من الشباب ومن حركتهم، وكان يردد بنوع من الانتقاص: دول عيال.
في تونس، قهرت شرطية متغطرسة، رجلا كان يحاول فقط أن يوفر لقمة عيش لأسرته من خلال عربته البسيطة، هذا الرجل هو محمد بو عزيزي.
في أكثر من بلد، كان هناك دوما نوع من التعامل الفوقي المتغطرس تجاه الإنسان.
عندما دارت عجلة الغضب في تونس، إثر حادثة محمد بو عزيزي، لم يستطع كثيرون قراءة الصورة بشكل دقيق. في ذات الوقت، كان الوضع في مصر يغلي، لكن قارئ الصورة كان مصرا على أن يقول: دول عيال.
كان الليبي والسوري واليمني يرددون، وهم يرون نتائج عجلة الغضب في كل من تونس ومصر يردد: نحن لسنا مصر ولا تونس. هذه العبارة التي يبدو أنها صارت لازمة للخطابات المصاحبة للدول الثلاث تعكس نوعا من الاستخفاف الذي تتلخص محصلته في عبارة: دول عيال.
في كتاب يوميات عيل مصري للكاتب المصري أحمد محمد علي، هناك خيط واحد يظهر يتمثل في صوت الإنسان البسيط، صاحب الأحلام السهلة، الذي لا يجد وسيلة ولا طريقا يؤدي إلى تحقيقها.
هذا العيل المصري وجد في ميدان التحرير مكانا لتفريغ آماله التي كان سقفها واضحا، لكنه سرعان ما بدأ يرتفع، خاصة مع استشراء لغة: دول عيال. وتبدو لهجة الكتاب بسيطة للغاية وواضحة تختصرها عبارة وردت في ثنايا الكتاب تشير إلى أن "مصر زي القمر بس محتاجة ننفض عنها التراب".
هذه اللغة السهلة البسيطة تختصر أحلام وآمال كثير من الشعوب العربية التي تحركت. القاسم المشترك بين هذه الشعوب، أنها بقيت تنتظر لسنوات طويلة وعود الحصول على المن والسلوى.
 لم تحصد طوال تلك السنوات سوى مزيد من الفقر واستشراء الفساد وتزايد حالات التهميش وانتشار القمع، وهو الأمر الذي أدى إلى التغيير. طالب الناس في هذه الدول بالإصلاح، فتم التشكيك بهم واتهامهم بأنهم يحملون أجندات.
كانت أجندتهم رغيف خبز كريم وحداً أدنى من تحقيق العدالة الاجتماعية، لكن قادة هذه الشعوب أصرت على عبارة واحدة: دول عيال.

الجمعة، 5 أغسطس 2011

جنية غازي القصيبي


جلست جنية غازي القصيبي إلى جواري أياما عدة. كنت خلالها أتشاغل عنها بقراءة كتب أخرى. لكنني عدت إليها من جديد. محملا بإرث من الحكايات والقصص عن تلك العوالم التي يغلفها الغموض والخوف وهواجس الأطفال المسجونين في غرفهم خوفا من مخالفة تعليمات الوالد والوالدة حتى لا يقعوا في المحذور ويصبحوا فرائس سهلة لا تعلم إن هي واجهت كائنا جنيا أين ينتهي بها الأمر؟!!
عندما بدأت في قراءة الرواية، وجدتني أستعيد تلك المخاوف والمسميات، وأكاد أضع يدي على قلبي من التهيب.
"الجنية" هي إحدى آخر إصدارات الأديب الوزير الدكتور غازي القصيبي. ويحلو له أن يسمها بالحكاية، رغبة منه ربما في التخلص من جدلية التصنيف الروائي، والوقوع في الخلاف النقدي بهذا الشأن. بدت هذه الرواية ـ أو الحكاية سيان ـ وكأنها تستحث في النفس كل تلك المخاوف.


ما من شك أن "جنية" غازي القصيبي، عائشة قنديشة، قد حملت الكثير من الرسائل الإنسية والجنية.
لكن القصيبي، كعادته دوما، استطاع أن يحمل حكايته، جملة من الرسائل التي يستطيع كل قارئ وقارئة أن يسبر أغوار النص على طريقته، ووفقا لما يضمره داخل نفسه. هنا نحن نخوض في هامش من هوامش النقد الثقافي الذي أسس له لدينا الدكتور عبد الله الغذامي، الذي يرى أن النص يتباين بين أكثر من رؤية: الأولى ترتبط بالمؤلف وما يرغب أن يقوله، وليس شرطا أن يعيه القارئ ولا أن يتمكن المؤلف من إيصاله، وهنا تبدو الإشكالية التي تنقلنا إلى مستوى ثان يتعلق بالقارئ الذي يقرأ وفقا لمعطياته المعرفية، وليس شرطا أن يكون النص مترجما أمينا لهذه المعطيات، ثم هناك المستوى الثالث الذي يتعلق بالنص وهو هنا الشيء الثابت الذي لا يستطيع لا المؤلف ولا القارئ أن يحيطا به!
الطريف هنا، أن جنية غازي القصيبي المغربية المدعوة عائشة قنديشة، حظيت بمحام بارع، استطاع من خلال شخصية فاطمة الزهراء، وفيما بعد عائشة التي جاءت في أعقاب رحيل فاطمة الزهراء الذي أجهض الزواج المنتظر بين الفتاة المغربية والشاب السعودي الدارس في أمريكا، لكن هذا الإجهاض كان مؤقتا فالقنديشة قررت أن تتقمص شخصية فاطمة الزهراء كنوع من التطوع وفاء لوعد قطعته لفاطمة، لتفاجأ عند استقبالها للشاب في المطار أن الوله تسلل إلى روحها هي الأخرى.
في إسهابه، يلمس الكاتب نوعا من الاختلاف بين المرأة المغربية وكل نساء الدنيا. وهذا ما يشرحه له أيضا ابن أخت عائشة قنديشة الذي كان رجل المهمات الصعبة عندما يحتاج الأمر إلى تدخله. وهو إلى جانب هذه المهمة باحث مهتم بالشؤون الإنسية، يكشف من خلاله المؤلف رؤية وتشريح الجن للشخصية الإنسانية!
إن اللافت هنا، أن نص غازي القصيبي، يسير بطريقة أو بأخرى باتجاه تقدير أصيل وغير تقليدي للمرأة، ولا شك أن هذا التقدير يتجلى شعرا ونثرا لدى القصيبي في كتاباته الأخرى، حتى وهو يصوغ رثاءه العذب في الليدي ديانا التي نشرها إثر وفاتها على حلقات في مجلة سيدتي، ثم أعاد نشرها فيما بعد في كتاب مستقل.
غير أن "الجنية" لا تنقل لنا في أفقها الأوسع مجرد نظرة للمرأة، بقدر ما تسبر أغوار البحث باتجاه غير المرئي من الحيوات الأخرى. وغير المرئي أو المسكوت عنه فيما يتعلق بالقيم الإنسانية بمجملها، والرغبات الدفينة باتجاه السلطة والمال والحب أيضا. ويمنحنا القصيبي الكثير من الوقت للتأمل، من خلال الاتكاء على سلسلة من الأساطير سواء التراثية والمعاصرة، ومن بينها أسطورة عائشة قنديشة في المغرب وأسطورة أم الشعر والليف وسواها في السعودية والخليج. إناث الجان، كن المدخل الذي ولج منه المؤلف إلى محاكمة عالم الإنس بداية، والتفتيش في هذه العوالم عن الحقيقي وغير الحقيقي من الأفكار والقيم. هو لا يقدم لنا إجابة حتمية في نهاية الأمر، لكنه يحرضنا على مزيد من التفكير، وربما استجلاب جانب من ما أسماه الغرب الليالي العربية، عندما نقل إلى لغاته ترجمة ألف ليلة وليلة بكل ما فيها من حكايات يختلط فيها الإنس والجان والحيوانات الخيالية مثل العنقاء بكثير من الأجواء الرومانسية، وبطولات سندباد.
الشيء الذي يلفت الانتباه هنا، وهو ما يخص موضوعنا هنا، أن عائشة قنديشة التي أخذت أجمل ما عند نساء الأرض من عطاء، فقدمته لزوجها الإنسي. غير أن الأمر بدا غير مقنع للزوج الإنسي، فهو في إبهاره جعله يكتشف أنه مختلف عن الآخرين المحيطين به، إذ أن زوجته لم تكن تتشاجر معه، وكانت تنفذ ما يتمناه بمجرد أن يخطر على باله.
هنا انتهت مرحلة من المراحل، لتبدأ مرحلة أخرى يغوص من خلالها الرجل ـ بعد إنفصاله عن عائشة قنديشة ـ تجربتي زواج من سيدتين أولاهما زميلته الأمريكية في الجامعة، والثانية قريبته التي أوصى والده أن يتزوجها. كانت تجربة زواجه من قريبته مليئة بالمرارة، إذ لم تتأقلم قريبته مع واقع حياتها إلى جوار زوجها الطالب في أمريكا. ولم تتوفر علاقة طبيعية بينه وبين زوجته الأمريكية بسبب اختلاف الرؤى والثقافة التي جعلت الزواج يتأرجح وينتهي دون أي مشكلات.
تفاصيل كثيرة، تفضي إلى تأكيد أن كل العوالم، تمارس التجربة حتى تصل إلى الأمثل. ولعل الأمثل هو الشيء الذي أوحى به إلينا الكاتب عقب زواجه من المغربية غزلان، وهي قريبة فاطمة الزهراء، بل ربما هي عائشة قنديشة مرة أخرى، بعد أن انفصلا للمرة الثانية في أعقاب تسللها إلى جسده واستقرارها فيه إمعانا في العشق الذي كاد أن يودي في حياته لولا أن أنقذه شيخ يقيم بالقرب من مراكش.
أضفت أجواء المغرب، الكثير من التشويق للحكاية، وأعادت الحوارات والمعلومات التي تتعلق بالسحر والشعوذة وعلوم ما وراء الطبيعة. لكنها حملت حتما صورة ساحرة عن مغربيات لا يتعاطين السحر، فالمرأة المغربية إذا عشقت ـ وفقا لحكاية الجنية ـ لا تماثلها أي امرأة أخرى.
هنا ننتقل إلى المخيال الشعبي الذي ساد لفترة عن ذلك السحر، الذي جعل أشخاصا عديدين في الخليج مع سيادة ثقافة السفر، يرتهنون لهذه العذوبة، ويعودون وهم يتأبطون في أذرعتهم زوجات مغربيات. ولعل الشيء الطريف، أن الزواج من الأجنبيات، لا يخضع لنسبة السعودة التي يطبقها الدكتور غازي القصيبي بمنتهى الحزم والصرامة في وزارة العمل، بل هي تخضع لقرار وزارة الداخلية، وأحيانا يصدف أن يبادر الرجال إلى هذه المغامرة حتى قبل الحصول إلى إذن، الأمر الذي يعرضهم لعقوبات يتحملونها. أتراه بفعل السحر الحلال أم لأمر آخر؟!!
نص الجنية، باعتمادة تقنية الإحالة للمراجع في بعض الأحيان، يجعلك تدلف مع الكاتب في مغامرة البحث والتفتيش عن الحقيقي وغير الحقيقي في الأمر. مع عدم إغفال مسألة التسلية والتشويق، وهو الأمر الذي يؤكد المؤلف أنه دافعه للكتابة.
وبينما تعاني نساء كثيرات في الخليج والعالم العربي من العنوسة، نجد أن فكرة البحث عن ملاذ من شواطئ أبعد، تتحول في بعض الأحيان إلى أمر واقع. رغم كل الإغراءات التي تضعها دول الخليج لمصلحة المواطنات، سواء من خلال تضييق هذا الأمر نوعا ما، أو من خلال منح حوافز مادية ـ كما هو الحال في الإمارات ـ للشباب الذين يرغبون في الزواج من مواطنات.
يأتي هذا وسط سلسلة من الإحصاءات التي تؤكد أن الخليجيات بدأن يأخذن خطوات أوسع في عوالم عمليات التجميل، وفي وقت ذاته أكدت الإحصائيات أيضا أنهن الأكثر اهتماما بالعطور والمجوهرات.
لا تنسو أنني أكتب هنا، وأن أستحضر رؤية الدكتور عبد الله الغذامي في مسألة النقد الثقافي، وبالتالي من المؤكد أن المؤلف لم يقل هذا، وإنما أنا قولبت الفكرة بهذا الشكل، وبالتأكيد أنتم ستفهمون ما كتبته بشكل مغاير أيضا!

نشرت في مجلة أهلا وسهلا ، عدد يوليو 2007 

الثلاثاء، 26 يوليو 2011

الحروب المجانية : هل يتجه العالم إلى شفير الهاوية؟

الحلم بعالم يتساكن بسلام، يبدو أنه مثالي، وبعيد المنال. لكنه يبقى حلما مشروعا. إن طغيان كفة الحقد والحسد والبغضاء، في مقابل المحبة والسلام والوئام، مسألة تستفز أصحاب النفوس السوية. إن النظر إلى واقع الناس أفرادا وجماعات ودول، يتطلب سعيا من أجل إعادة ممارسة فن الممكن، بهدف إشاعة المفاهيم والأفكار السامية.
ليس المطلوب منا كبشر، أن نؤسس ليوتيبيا خيالية. 
المطلوب فقط أن نعلي من القيم الإنسانية الطيبة.
المطلوب أن نرفع من قدر الفعل الإنساني.
المطلوب أن نكون ـ على الأقل ـ أقل عنصرية وصلفا مع الإنسان الآخر.
المطلوب أن نجعل الدين، عامل جمع لا فرقة، بين أطياف الدين الواحد، وفئات الأديان الأخرى.
هذه المطالب المحدودة، تواجهها أحيانا أفكار شريرة، وشديدة الشراسة، تجعل هذه المطالب ـ ذات الصبغة السامية ـ تبدو وكأنها غريبة، أو بعيدة عن التطبيق. 
إن التطرف الذي شهدناه في مذبحة النرويج، كان مصدره الغلو المفرط في التدين، من مسيحي متطرف. هذا الفعل له روافد لدى أديان أخرى، فالتطرف الهندوسي له صولات، والتطرف الإسلامي له جولات. إذن لا بد من لجم "بغل" التطرف، الذي يزيد من الأحقاد بين الطيف الإنساني في مختلف أصقاع الأرض. هذه الخطوة من شأنها أن تؤسس لمجتمعات، تمارس كل فئة دينها، دون أن تتدخل في الأديان الأخرى. 
إن السياسة التي تصوغ خطوات البشر وفقا لأجندات قد لا تكون سوية، تهدد عالمنا بمزيد من الإنهيارات، التي تظهر من خلال اختلالات اقتصادية واجتماعية وتربوية، لكن بعض المجتمعات في مساعيها من أجل الخروج من مأزقها، تشيع الفوضى في العالم، من أجل معالجة مشكلاتها الطارئة.
ينسى العالم تلك المشكلات، لينشغل في ترميم التداعيات المتلاحقة، سواء كانت هذه التداعيات على هيئة حركات تطرف وعنف، أو في أشكال أخرى قد يصعب تفسيرها في معزل عن إيقاعات الإقتصاد والهموم العالمية الأخرى. 

الخميس، 26 مايو 2011

زلة قلم جهاد الخازن


مقالة جهاد الخازن المنشورة في 23/5/2011



جهاد الخازن صحفي محترف وكاتب معروف، أتفق مع بعض طروحاته، وهو عنده قدرة على أن يمسك العصا من المنتصف بحيث لا يغضب هذا ولا ذاك. لكنه في مقالة نشرها في 23/5/2011 بدا مختلفا، وأثار غضب كثرين، ولم يجد حتى محبيه مبررا له، إذ يقول: (نحن في السنة الهجرية 1432، وهذا تاريخ لا يضم سوى سنتين يستطيع المسلم أن يفاخر بهما هما خلافة أبي بكر الصديق).
هذا الطرح فيه جور كبير على تاريخنا سواء خلال فترة الخلافة الراشدة أو ما تلاها من فترات شهدت انتصارات وانكسارات لكنها لا تعني أبدا إطلاق الكلام بهذا التعميم الذي يختزل التاريخ الإسلامي في حقبة أبو بكر الصديق رضي الله عنه. ناهيك عن التطاول على من تلا أبو بكر من الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم، وهي منطقة يبدو التجاوز فيها مدعاة للخطأ والخلل والتفسير والتأويل الذي يضع قارئ الصورة في منطقة اللا حياد.
وقد تعفف كثير من المؤرخين الأوائل عن الدخول في هذه الورطة، لأنه لا يوجد لها إيجابية واحدة، بينما هي تنطوي على سلبيات عدة ليس أولها الإرتهان إلى القراءات المتجنية ولا الإبتسار المخل، حتى لو كان الحديث في معرض التأكيد على تهافت فكرة الغلاة الذين يطالبون بإعادة ما يسمى بالخلافة الإسلامية. إذ من السهل على العقلاء أن يدركوا أن الخلافة شهدت على مر السنين مراحل مد وجزر، حتى انتهت بسقوط ما كان يعرف بالرجل المريض المتمثل في الدولة العثمانية التي كانت تحكم جزأ واسعا من العالم الإسلامي من خلال الأستانة. وبعدها وجدت كل دولة الصيغة التي تتناسب مع ظروفها، وهو سلوك كان معمول فالأندلسيون كانو يديرون أنفسهم بعيدا عن نفوذ الخلافة الإسلامية وكذلك الأمر بالنسبة لسواهم من الدول والممالك.
كل هذه الأفكار البدهية، لا تتطلب حتما أن يتبرع جهاد الخازن بإلغاء التاريخ الإسلامي ويقصره على الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فهذا التنطع لا يشبهه إلا تنطع غلاة الإرهابيين الذين يريدون إعادة إحياء فكرة الخلافة الإسلامية.
 لقد كانت السياسة الشرعية الإسلامية وما تزال تتمتع بالمرونة التي تجعلها قادرة على استيعاب فكرة الدولة المدنية والاستفادة منها، وهذا الأمر لا يتطلب أن يبادر جهاد الخازن لإلغاء كل شخوص التاريخ كي يقول لنا إن زمن الخلافة انتهى، فالكل يعرف هذه المعلومة البدهية، ولا يحتاج لمن يصدمه في تاريخه من خلال إيراد وقائع لا تتعدى أن تكون زلة قلم.    

الثلاثاء، 17 مايو 2011

بين "التوزير" و"التزوير" حرف تاه طريقه ... ورجل دخل جنته فقال: أنا أعز منكم





هو عنوان طويل، وهو أيضا فصل من سيرة تتكرر منذ آلاف السنين، فلا تحاول أن تفتش فيه عن جديد.

إنها سيرة الناس في غالب أوضاعهم.

أراد أن يكتب "توزير" فكتبها "تزوير".

في كل مرة حاول أن يعيد كتابتها، تأتي بنفس الصيغة الخاطئة. كانت صور الناس تتلاحق في ذهنه، وكانت تصريحات الوزير، تعكس "تزويرا" للوعي، يقول: حاسبوني بعد أربع سنوات.

مرت السنوات الأربع.

انتقل إلى منصب آخر، وقال: حاسبوني بعد أربع سنوات.

"تزوير" من أجل الـ "توزير".

وفي كل مناسبة تكتشف فيها أن "التزوير" هو المحرك لكل الأشياء.

في واجهة أخرى، بعيدة عن "التوزير" ولكنها ذات علاقة بـ "التزوير"، قال الشخص خطبة عصماء، أكد من خلالها أنه يؤمن بـ "التدوير". وأنه لا يقتنع بأن يبقى شخص في مكانه أكثر من خمسة أعوام.

لكن حتى الكلام عن هذا "التدوير" كان مجرد "تزوير".

كثيرون يمتشقون أقلامهم، أو يرتجلون خطبا عصماء من على المنابر، ويمارسون كلاما جميلا، لكن هذا الكلام، ليس سوى طبقة شفافة تسهم في زيادة عتمة الجوانب البشعة من الداخل البشع لهذا الإنسان أو ذاك.

في زمن ما، يقع المسؤول في فخ ورم الذات، فيبدأ العمل التحتي، الذي يمارس من خلاله الضغط، من أجل "تعويم" الحقائق، عبر الشرهات غير المنظورة، فيحشد من خلفه مجموعة من المستشارين، الذين لا تتم استشارتهم بشيء، بل يتم توجيههم بأن يقولوا للناس إن هذا الشخص أصبح ملهما وصار ضرورة، وعنده ينتهي العلم والمجد، ومن غيره سوف تغمر الحياة الظلمة والغبار.

تزوير وتدوير وتعويم... سرعان ما يتلاشى بمجرد مغادرة الشخص للمنصب.

إنها قصة تتكرر في كل مكان وزمان.

لا تبتعد كثيرا، أنظر حولك، سترى أحدهم قريب منك، تأمل وجهه وواقعه وأنت تقرأ هذه العبارات.

ليس شرطا أن يكون وزيرا أو مسؤلا كبيرا. الكل يمارس تزويرا على طريقته الخاصة، أحيانا يعطي هذا التزوير بيضة ذهبية، وفي كثير من الأحيان لا يمنح إلا خزيا ونكدا وسوء طوية.

وحتى تتكامل الصورة بثرائها، لا بد أن تلتفت يمنة ويسرة، لتجد مهرجا يمارس تبديل الأقنعة، لأنه قرر أن يكون : رجل كل العصور.

هذا الرجل، أنت تراه من الخارج كبيرا، لكنه، عندما تتأمل قليلا: ستجده مجرد قزم صغير، يتم ركل مؤخرته في كل ساعة، وهو بعد أن يفيق، ينسى تلك الركلة، ويعاود الإلحاح والقول: أنا أعز منكم.

لكن الصدى في داخله يرد عليه: كاذب.

وتأتي ردود أفعاله على نفسه قاتلة، فيركض هاربا من ذاته إلى ذاته.

ومع ذلك، تبقى الصورة جميلة مؤقتا، ... فنحن في الزمن الذي وصلت فيه عمليات التجميل إلى كل عضو في الجسد الإنساني، وأصبح التزوير يطال المشاعر، فتشهد الوجوه مبتسمة، رغم لا تبتسم. وترى القلوب مبتهجة، رغم أنها تضمر الغل والغدر.

حتى الصلاة، التي تنهى عن فاحش القول ومنكر الفعل، لا تردع الناس عن مثل هذا التزوير.

الغريب أن يسأل إنسان، عندما تنفجر الأوضاع: لماذا حصل ما حصل؟

هذا السؤال الذي تكرر منذ مطلع 2011 مرات عديدة، وبصوت مرتفع. ليس جديدا.

الحقيقة أنه أحد الأسئلة السرمدية، التي تأتي لتمثل عبارة مكرورة، قبل أن يتم إسدال الستارة على المسرحية البشرية المكرورة. في الصورة، سوف ترى زنديقا وعابدا تتزين جبهته بزبيبة مسجد وصلاة. في ذات المشهد سوف تجد أنهما رغم اختلافهما، إلا أنهما يتفقان في شيء واحد: الكراهية والجبروت.

عندما يغيبان، لا تشعر بطمأنينة كبيرة، هما غادرا، وسوف يعودان بقناعين آخرين وباسمين مختلفين.

إنها الحياة يا صديق. فلا تسرف على نفسك، وابتسم.

الأربعاء، 11 مايو 2011

شويخ من أرض مكناس يجدد حلم تلاقي الأطراف




من عمان إلى الرباط، عاد حلم تلاقي الأطراف بين الخليج والمحيط، ليعكس حلم العناق. لكن الأمر يبدو محض حلم، لم يحظ شعبيا سوى بالتندر. الواقع أن العرب بعد تجارب الوحدات الإندماجية التي خاضها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر مع سوريا، والتجارب المتعددة التي خاضها الرئيس الليبي معمر القذافي مع أكثر من بلد، صاروا ينظرون للمسألة بنوع من التوجس. لكن الجديد أن المبادرة هذه المرة خليجية، وهي تأتي على خطى مسيرة تلاقي لم تتكامل مع العراق واليمن. ومنذ الإعلان عن التوجه خلال القمة التشاورية، وأنا أرصد الصدى الشعبي، من خلال تويتر. لكنني أنى يممت وجهي، سواء تجاه المتوترين الخليجيين أو الأردنيين أو المغاربة، أجد كما كبيرا من النكت التي تؤكد أن الدم العربي صار خفيفا ورشيقا. الكل يتفق على أن الحلم جميل، لكن هذا التلاقي يبدو بالنسبة للبعض مثار أسئلة لا تزال تبحث عن إجابة: هل هذه الخطوة هي مسيرة باتجاه إنشاء كيان بديل للجامعة العربية الهرمة؟ أم أنه تجمع يضم أنظمة متشابهة في الرؤى والتوجهات؟ أم أن الأمر هو تطوير بشكل أو بآخر لاتحاد اقتصادي يفتح الآفاق أمام حلم السوق العربية المشتركة الذي تم وضع بذرتها في الأرض منذ عشرات السنين لكنها أثمرت مزيدا من القوانين التي تهدد نمو الاستثمارات العربية العربية. لقد أثبتت تجربة دول الخليج في كثير من المناحي الإقتصادية أن هناك أمل. لكن ماذا سيحدث عندما تصبح دولتان أو أربع دول ضمن المنظومة، هل ستستطيع أن تنخرط في سلسلة القوانين المرنة، أم أنها ستؤدي إلى إبطاء حركة التقارب والإنجاز البطيئة أصلا.
هذه الخاطرة الأولى، تأتي على إيقاع تبادل كل الأشقاء والأصدقاء في هذه الدول للطرف والنكات التي تعكس قدرا كبيرا من الإحباط الذي يعيشه المجتمع العربي الذي تهصره البطالة والفقر والوعود المؤجلة، فلا يملك سوى أن يستحضر صوت المغني وهو يردد : شويخ من أرض مكناس ، وسط الأسواق يغني...وش علي أنا من الناس ... وش على الناس مني.
طيب الله أوقاتنا العربية.

الثلاثاء، 10 مايو 2011

ناحية القلب




ناحية القلب
هناك شيء توارى
لم أعد أراه
و... همست لنفسي:
ها أنا أتأهب لارتحال
يمنحني بعض سلوى
فأنا
عند كل طعنة
أحاول أن أبتسم
في وجه صلف اللحظة
وأقول
ثمة غد أجمل
أصوغ الأمل من حولي
وقلبي يلوذ بي
يقول لي
ناحية القلب
ها هنا وحشة
وبعض ألم
فأهمس
غدا...
غدا ستكون بخير
غدا سيكون أجمل

الثلاثاء، 3 مايو 2011

عربيا تجاوز الخطوط الحمراء يحرمك من رؤية الشمس




صادف يوم الثالث من مايو الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة. في هذا اليوم، النظرة على الأوضاع في العالم العربي تشير إلى أن الحريات تتراجع بشكل لافت.
وإذا ما غضضنا الطرف عن قناة أو أكثر تعتبر أن الحرية تتمثل في الشتم، ليس ثمة ما يغري بالحديث عن حرية مسؤولة وحقيقية. فالفضاء العربي يعج بالكثير من المنابر الإعلامية ذات اللون الواحد.
وبين قنوات اللون الأسود وقنوات اللون الأحمر وقنوات اللون الأصفر تتهادى الأفكار التي تتنازع على عقل المتلقي راغبة في حقنه بفكرة واحدة، وبعض القنوات لو امتلكت عصا لأمسكته وجربت أن تستخدمه مع كل مشاهد وهي تصرخ: ألا تفهم يا ولد؟!
حال الصحافة لم يعد بعيدا عن هذا الواقع مع الأسف، والرقابة اللصيقة للإعلام العربي ليست فقط من خلال الأنظمة والقوانين الخاصة بالنشر، بل إن الرقابة الأقسى هي رقابة تصطنعها تيارات وأحزاب تهيمن على الصورة العربية وتتحكم فيها، باعتبار أن هذه الأحزاب ورثت هذه الهيمنة من الأحزاب السابقة.
ومن هنا فلن تعدم أن تستغرب وأنت تسمع عن بلد طالب فيه الثوار بالحرية، وعندما نالوها، التفتوا إلى الإعلام وطالبو بتقييد حريته. وهي صورة ليست جديدة مع الأسف، فالإعلام كان دوما هو (المركوب) الذي تستخدمه الأيديولوجيات لتحقيق مآربها، ثم تأتي لحظة الحقيقة ليكون هو الذبيحة الأولى التي يجري تقديمها على المذبح.
حدث هذا الأمر في الإتحاد السوفيتي، وحصل في كل الدول التي سارت في فلكه، ويحدث في مختلف بلدان العربي بلا استثناء.
وفي بلد أو أكثر توجد فيه مدينة إعلامية، يحق لكل وسائل الإعلام التي تستضيفها مدينته أن تتحدث عن أي شيء إلا عن البلد التي يستضيف هذه القناة. وأي خروج عن هذا النص، مدعاة للتضييق على هذه القناة أو تلك، وأحيانا سحب الترخيص منها.
لقد انصاعت قنوات عربية في تلك المدن الإعلامية لاشتراطات اللعبة، فأغمضت عينيها كثيرا عن الأزمات التي يشهدها هذا البلد، وسلت سكاكينها على بلدان أخرى.
هذه الصورة موجودة في أكثر من بلد عربي مع الأسف. الحرية تتوقف عندما تفتح عينيها على واقع هذا البلد أو ذاك.
 لهذا السبب يسهل كثيرا التشكيك في مصداقية هذه القناة أو تلك. والأمر نفسه ينسحب على الصحف والمجلات.
المنبر الوحيد الذي يتمتع بمساحة أفضل هو التدوين. وحتى هذا المنبر، يعاني من يمارسه من فوبيا تجاوز الخطوط الحمراء التي ستنقله إلى ما خلف الشمس.