الثلاثاء، 17 مايو 2011

بين "التوزير" و"التزوير" حرف تاه طريقه ... ورجل دخل جنته فقال: أنا أعز منكم





هو عنوان طويل، وهو أيضا فصل من سيرة تتكرر منذ آلاف السنين، فلا تحاول أن تفتش فيه عن جديد.

إنها سيرة الناس في غالب أوضاعهم.

أراد أن يكتب "توزير" فكتبها "تزوير".

في كل مرة حاول أن يعيد كتابتها، تأتي بنفس الصيغة الخاطئة. كانت صور الناس تتلاحق في ذهنه، وكانت تصريحات الوزير، تعكس "تزويرا" للوعي، يقول: حاسبوني بعد أربع سنوات.

مرت السنوات الأربع.

انتقل إلى منصب آخر، وقال: حاسبوني بعد أربع سنوات.

"تزوير" من أجل الـ "توزير".

وفي كل مناسبة تكتشف فيها أن "التزوير" هو المحرك لكل الأشياء.

في واجهة أخرى، بعيدة عن "التوزير" ولكنها ذات علاقة بـ "التزوير"، قال الشخص خطبة عصماء، أكد من خلالها أنه يؤمن بـ "التدوير". وأنه لا يقتنع بأن يبقى شخص في مكانه أكثر من خمسة أعوام.

لكن حتى الكلام عن هذا "التدوير" كان مجرد "تزوير".

كثيرون يمتشقون أقلامهم، أو يرتجلون خطبا عصماء من على المنابر، ويمارسون كلاما جميلا، لكن هذا الكلام، ليس سوى طبقة شفافة تسهم في زيادة عتمة الجوانب البشعة من الداخل البشع لهذا الإنسان أو ذاك.

في زمن ما، يقع المسؤول في فخ ورم الذات، فيبدأ العمل التحتي، الذي يمارس من خلاله الضغط، من أجل "تعويم" الحقائق، عبر الشرهات غير المنظورة، فيحشد من خلفه مجموعة من المستشارين، الذين لا تتم استشارتهم بشيء، بل يتم توجيههم بأن يقولوا للناس إن هذا الشخص أصبح ملهما وصار ضرورة، وعنده ينتهي العلم والمجد، ومن غيره سوف تغمر الحياة الظلمة والغبار.

تزوير وتدوير وتعويم... سرعان ما يتلاشى بمجرد مغادرة الشخص للمنصب.

إنها قصة تتكرر في كل مكان وزمان.

لا تبتعد كثيرا، أنظر حولك، سترى أحدهم قريب منك، تأمل وجهه وواقعه وأنت تقرأ هذه العبارات.

ليس شرطا أن يكون وزيرا أو مسؤلا كبيرا. الكل يمارس تزويرا على طريقته الخاصة، أحيانا يعطي هذا التزوير بيضة ذهبية، وفي كثير من الأحيان لا يمنح إلا خزيا ونكدا وسوء طوية.

وحتى تتكامل الصورة بثرائها، لا بد أن تلتفت يمنة ويسرة، لتجد مهرجا يمارس تبديل الأقنعة، لأنه قرر أن يكون : رجل كل العصور.

هذا الرجل، أنت تراه من الخارج كبيرا، لكنه، عندما تتأمل قليلا: ستجده مجرد قزم صغير، يتم ركل مؤخرته في كل ساعة، وهو بعد أن يفيق، ينسى تلك الركلة، ويعاود الإلحاح والقول: أنا أعز منكم.

لكن الصدى في داخله يرد عليه: كاذب.

وتأتي ردود أفعاله على نفسه قاتلة، فيركض هاربا من ذاته إلى ذاته.

ومع ذلك، تبقى الصورة جميلة مؤقتا، ... فنحن في الزمن الذي وصلت فيه عمليات التجميل إلى كل عضو في الجسد الإنساني، وأصبح التزوير يطال المشاعر، فتشهد الوجوه مبتسمة، رغم لا تبتسم. وترى القلوب مبتهجة، رغم أنها تضمر الغل والغدر.

حتى الصلاة، التي تنهى عن فاحش القول ومنكر الفعل، لا تردع الناس عن مثل هذا التزوير.

الغريب أن يسأل إنسان، عندما تنفجر الأوضاع: لماذا حصل ما حصل؟

هذا السؤال الذي تكرر منذ مطلع 2011 مرات عديدة، وبصوت مرتفع. ليس جديدا.

الحقيقة أنه أحد الأسئلة السرمدية، التي تأتي لتمثل عبارة مكرورة، قبل أن يتم إسدال الستارة على المسرحية البشرية المكرورة. في الصورة، سوف ترى زنديقا وعابدا تتزين جبهته بزبيبة مسجد وصلاة. في ذات المشهد سوف تجد أنهما رغم اختلافهما، إلا أنهما يتفقان في شيء واحد: الكراهية والجبروت.

عندما يغيبان، لا تشعر بطمأنينة كبيرة، هما غادرا، وسوف يعودان بقناعين آخرين وباسمين مختلفين.

إنها الحياة يا صديق. فلا تسرف على نفسك، وابتسم.

هناك تعليقان (2):

sheeshany يقول...

و هكذا .. و هكذا ... :( مع مزيد الأسف

Unknown يقول...

هذا صحيح يا صديقي