السبت، 25 أبريل 2015

الألم والتفاصيل الصغيرة

أمام الطبيب؛ لا تملك سوى الاستسلام والإذعان.

عندما تتألم، تهرول، تجلس منتظراً، تكابد القلق. يتأخر الطبيب عن موعده. يسبقك أحدهم؛ لأنه يملك واسطة أو يحمل توصية. تدلف بعدها، تتجاهل برضا هذا التأخير. يطرح عليك سؤالا عن شكواك، تاريخ الألم.

تحكي، يسرح قليلا، ولكنك تمضي في إجابتك. تستلقي على السرير. ألترا ساوند، لا بد منها، قبل التشخيص النهائي. لا مهدئات، قبل أن نرى النتيجة، أخشى أن أعطيك مسكنا للألم فتكتفي به. 

تنتقل إلى الأشعة. تنتظر ساعة وأخرى. المواعيد كثيرة. يقولون: انتظر؛ قد يتأخر أحدهم عن موعده. بعد سويعات تنتقل إلى غرفة الأشعة. 

تهمس لك الإخصائية: الفحص يستغرق نصف ساعة. تخلص من كل الأجهزة المعدنية. تضعك في صندوق يشبه التابوت. تضع لك سماعة على أذنيك، كي تخفف إزعاج الأصوات التي تدهمك. الضوء الأبيض الخافت، والتكييف الهادئ يخفف من شعورك بالوحدة. هذا هو الخط الفاصل بين تابوت صامت، وتابوت يقلب في جسدك، يسبر أغوار الألم. تدهمك الأسئلة الصعبة عن الموت والحياة.

تتداعى لك صور الذين غابوا. حكاياتهم. ضحكاتهم. أرقام هواتفهم التي تحفظها السحابة الإلكترونية، وتعيدها إليك مع كل تحديث تجريه. الحذف لا يجدي. تقفز رسائلهم عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي. 

تمر نصف الساعة، بعد أن تستعرض مسيرة عمر وقصة حياة. تخرج من هذه التجربة، تمضي مبتعدا، تتهيأ لموعد آخر مع الطبيب الذي اعتاد على الحياد تجاه آلام الناس. 

يهاتفك الأصدقاء في الجريدة: المقالة لم تصل بعد. تتهيأ للكتابة. يتحدث معك صديق عبر الهاتف؛ يسألك: أين أنت؟! تبدأ في سرد قصتك، يقاطعك مرة أخرى: ما هي أخبارك؟ تبتسم. تتذكر أن الناس يريدون كلاماً عابراً وسريعاً، دون أي تفاصيل. 

التفاصيل لا يأبه بها سواك.


ليست هناك تعليقات: