الجمعة، 28 فبراير 2014

أن تكون فضائيا

شاركت معلقا في إحدى المناسبات على قضايا تخص الإعلام المحلي. وأثناء المداخلات، تحدث أحد الأفاضل حول مسائل علمية ودينية، وكان يستفسر مني بشأنها، فقلت له إنني أفضل أن أتحدث عما أعرف ولا أجتهد فيما لا أعرف. بعد اللقاء قال صديق إن الاعتذار بعدم المعرفة أمر يقلل قدر الإنسان. قلت له: رأيي أن الخوض فيما يجهل المرء قلة العقل.

أكــــــثر معانـــــــاة يواجهها الإعلامي: إغراء الكلام.

تتصل قناة تلفزيونية لتطلب التعليق على سوق الأسهم، وعندما أجيب المتصل أنني لا أتقن الكلام في الأسهم يستغرب. ومع ذلك يتكرر الاتصال من فترة إلى أخرى. هو عادة يتعامل مع قائمة هاتفية، وغالبا لا يعي أي تفاصيل أخرى.

تتصل قناة أخرى لتقول الفتاة على الطرف الآخر: كتبت اليوم مقالة عن موضوع كذا ونريد تعليقك عليه. قلت لها: أظنك أخطأت، أنا لم أكتب هذا، لكنني وضعت رابطا لمقالة الكاتب عبر “تويتر”. تشعر بقليل من الحرج، لكنها تكمل: طيب، نحن نريدك أن تتحدث معنا، فما الأشياء التي تحب الحديث عنها؟ قلت لها: لا شيء.

كثرة الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية أصبحت تؤسس لفكرة الجاهل الذي يتحدث في كل شيء وفي أي شيء. وإذا تأملت في حال بعض البرامج عندنا تكتشف أنها لا تخرج عن مدار شلة تلتقي لتتحدث في شأن معين. تتغير أسماء البرامج ومجالاتها، لكن يبقى من حقك أن تسميها: شلة الرياضة، شلة السياسة، شلة الثقافة. وفي كل قناة هناك شلة خاصة بكل شيء.

ولو أعدت تأمل المشهد مرة أخرى ستجد أن القائمة الهاتفية في هذه القناة أو تلك ثابتة وإن تغيرت وتبدلت البرامج والمذيعون. نحن نحبو، فيما تتسارع خطوات فضائيات أخرى، تتعب قليلا على برامجها. لهذا دوما يكون الاعتذار واجبا.

ليست هناك تعليقات: