الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

أسعد الناس


أسعدُ الناس إنسانٌ ترجَّل عن جواده، فأكثر الناس من الثناء والترحم عليه، فالناس شهود الله في أرضه. غاب الدكتور محمد عبده يماني ـــ يرحمه الله، وقبل غيابه بساعات، تناقل الناس خبر نقله إلى المستشفى، وهم يلهجون بالدعاء أن يكلأه المولى بالصحة، لكن لكل أجل كتاب. وهذا حال الدنيا. وداع يتلوه وداع. ورب مودع اليوم لآخر، تلقاه في الغد محمولا في رحلة وداع سوف يشارك فيها محمولا بدلا من مسيره بالأمس على قدميه.
غياب محمد عبده يماني يأتي حاملا في ثناياه عبرة الأيام، فالأجيال تتلاحق في مسيرة لا تتوقف. والعبرة في الأثر والبصمة التي يتركها المرء قبل أن يترجل من على صهوة هذه الحياة.
كان محمد عبده يماني ـــ يرحمه الله ـــ نموذجا من نماذج العطاء، أخلص لربه، ثم لقادته ووطنه. حمل في ثنايا قلبه إنسانية كبيرة، وكانت أفكاره تمثل ينبوعا يثري من خلاله النفوس بعطاء لا يتوقف. عرفته أمته وزيرا للإعلام، ومفكرا وقاصا جميلا. وفوق هذا وذاك عرفته رجلا من رجالات الخير والعطاء.
كانت مجموعته القصصية "مشرد بلا خطيئة" من الكتابات المميزة، التي نقل من خلالها صورتين للتشرد، الصورة الأولى تشرد الفلسطيني عن أرضه، والصورة الأخرى هي صورة التشرد الناتج عن الافتقاد إلى الهوية كما في شخصية "مولوي".
عكست تجربة الدكتور محمد عبده يماني بعد الوزارة ثراء نادرا، فغيابه عن المنصب لم يجعله يعتزل الحياة العامة. بدا وكأنه تفرغ بعد الوزارة لإثراء الحياة العامة والعطاء المستمر. إنه نموذج مميز ينبغي أن يستحضره كل من تقاعد من عمله. رحم الله الدكتور محمد عبده يماني وأسكنه فسيح جناته.

ليست هناك تعليقات: