الاثنين، 8 نوفمبر 2010

بكاء تحت المطر


في كتاب "الحب عند العرب" لأحمد تيمور، وهو من إصدارات دار المعارف في سوسة في تونس، يورد المؤلف هذه الحكاية. يقول: "أخبرنا أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش، قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، قال: سألت أبو الفضل الرياشي عن معنى قول الشاعر:

الريح تبكي شجوها
والقلب يلمع في الغمامة

فقال: هو عندي كقولهم: ويلي للشجي من الخلي. ومعناه: إن البرق يضحك والسماء تبكي".
كتب شعراء كثيرون على السياق نفسه، فالشاعر عبد الوهاب البياتي في قصيدته "أولد وأحترق بحبي" يقول في رثاء يارا: أستنجد بالحرس الليلي لأوقف في ذاكرتي هذا الحبّ المفترس الأعمى, هذا النور الأسود, محموما أبكي تحت المطر".
وفي المعنى نفسه تجد أن الفكرة تسللت حتى إلى الغناء الحديث،.. فتجد أغنية أجنبية ـ لا أتذكر تفاصيلها الآن مع الأسف ـ تشير إلى البكاء تحت المطر "كي لا يراني الناس وأنا أبكي".
لم نعد نلتقط مثل هذه المعاني في إبداعاتنا وفنوننا الحديثة. وتمضي الأغنيات المعاصرة في تكريس الساقط من الكلمات، والساذج من العبارات، في حين تتوارى الكلمات المحلقة التي كنا نسمعها بأصوات الأجيال السابقة أمثال محمد عبده وفيروز وطلال مداح وأم كلثوم. وصار من النادر أن تسمع أغنية تشبه "شتي يا دنيي" لفيروز أو "البرواز" لمحمد عبده أو "أغراب" لطلال مداح، أو حتى "المسافر راح" لراشد الماجد.
غابت هذه المعاني وساد بيننا عصر شعبان عبد الرحيم وهيفاء وهبي، ولا أريد أن أستثني بعض فناني الخليج، ولكنني لن أسمي أحدا.

ليست هناك تعليقات: