الثلاثاء، 1 مارس 2011

هرمنا...هرمنا



بدا الصوت وكأنه آت من زمن بعيد، يحمل الكثير من الإنكسار والحسرة والضعف. كان ذلك العجوز التونسي الذي ظهر في كل القنوات وهو يردد: هرمنا..هرمنا. يعطي تلخيصا للأحلام البسيطة، الأحلام التي تأجلت كثيرا، ولم تتحقق. هو صوت يجسد صورة من الصور التي يكتنزها عالمنا العربي.
أحيانا عندما أتأمل، أتصور أن ما يتمناه الإنسان لا يبدو مستحيلا، هي أشياء بسيطة للغاية: وظيفة كريمة، وبيت صغير، وحياة وادعة لا يشوبها تنغيص من موظف لم يتعلم أن الضمير الطيب خير وسادة.
بالأمس تعمدت أن أبتعد عن كل القنوات الإخبارية، وأن أقلب الريموت على القنوات العربية الحكومية. بدت مختلفة عن ما تقوله الفضائيات الخاصة أو هكذا تخيلت. أصبحت ترصد بشكل أكبر حاجات الناس. تتيح مساحات لاقتناص أحاديثهم.
 الشيء الغريب أن الأحاديث كلها تتفق على مطالب بالإمكان أن تتحقق، لو توفرت الإدارة المناسبة. يقول البعض إن أحلام شعوب عربية تم اختطافها من قبل قنوات إخبارية كالجزيرة، وأخذت تتاجر بها وتستغلها أسوأ استغلال. وهذا كلام ليس بعيدا عن الحقيقة.
 لكن الشيء الحقيقي أيضا أن من يصنع الغضب ويكرسه في نفوس الناس ليس شرطا أن يكون وزيرا أو مسؤولا كبيرا. هو غالبا موظف صغير لا يعلم أن قضاء حاجات الناس واجب عليه أن يؤديه حتى لا يهرموا وهم يكابدون. الأمر يحتاج إلى إدارة. يحتاج إلى إخلاص وضمير يستطيع المسؤول الأكبر أن يعتمد عليه. ويحتاج إلى عدم اعتبار أن كل صوت مختلف هو عدو أو صاحب غرض ومصلحة غير سوية. 

هناك تعليق واحد:

Tulip يقول...

كنت اتمنى ان اجد مقطع هذا الاعلان ، اعجبني جدا، خصوصا صراخ الرجل في النهاية في الشارع، غير مصدق لما يحدث.
مؤلم جدا ن تذهب اعمار الناس دون ان تتحقق احلامهم ..
من يعيد لهم اعمارهم ، حتى يحققوا مافاتهم ؟ عنجهية، انانية ، ولامبالة بقيمة الزمن ..
رحمته كثيرا.